باب القول فِي مأخذ اللغة:
تؤخذ اللغة اعتيادًا كالصبي العربيّ يسمع أبويه وغيرهما، فهو يأخذ اللغة عنهم عَلَى مر الأوقات.
وتؤخذ تلقُّنًا من ملقّن، وتؤخذ سماعًا من الرُّواة الثقات ذوي الصدق والأمانة، ويُتَّقى المظنون.
فحدثنا علي بن إبراهيم عن المَعْدَانيّ عن أبيه عن معروف بن حسان عن اللَّيْث عن الخليل قال: إن النَّحارير١ رُبَّما أدخلوا عَلَى الناس مَا لَيْسَ من كلام العرب إرادة اللَّبْس والتَّعْنِيت٢.
قلنا فَليَتَحرّ آخذ اللغة وغيرها من العلوم أهل الأمانة والثقة والصدق والعدالة. فقد بلغنا من أمر بعض مشيخة بغداد مَا بلغنا. واللهَ جل ثناؤه نستهدي التوفيق، وإليه نرغب فِي إرشادنا لسُبُل الصدق، إنه خير موفق ومعين.
_________
١ النحارير: جمع النحرير: الحاذق الماهر.
٢ التعنيت: المشقة والفساد والخطأ.
باب القول فِي مأخذ اللغة ... باب القول فِي الاحتجاج باللغة العربية: لغةُ العرب يحتج بِهَا فيما اختلفُ فيه، إِذَا كَانَ أقْرائِكَ. قال أبو بكر: ومن العظيم أنَّ عليًا وعمرَ ﵄ قَدْ قالا: "القُرْؤُ: الحَيضُ" فهل يُجْتَرا عَلَى تجهيلهما باللغة؟ ومنها قوله فِي قوله جلّ ثناؤه: ﴿حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ﴾ ١ أنه أرادَ الذكور دون الإناث. قال: وهذا من غريب مَا يَغلَط فِيهِ مثله. يقول الله جلّ ثناؤه: ﴿يَا بَنِي آَدَمَ﴾ ٢ أفَتُراه أراد الرِّجالَ دون النساء؟ قال ابن داود: وإنَّ قبيحًا مُفْرِط القَبَاحة بمن يعيب مالك بن أنسٍ بأنه لَحَنَ فِي مخاطَبَةِ العامَّة بأن قال: "مُطرنا البارحة مطرًا أيَّ مطرًا" أن يرضَى هو لنفسه أن يتكلم بمثل هَذَا. لأن النَّاس لَمْ يزالوا يلحنون ويَتَلاحَنُون فيما يخاطب بعضُهم _________ ١ سورة النساء، الآية: ٨٣. ٢ سورة الأعراف، الآية: ٢٦، ٢٧، ٣١، ٣٥.
باب القول فِي مأخذ اللغة ... باب القول فِي الاحتجاج باللغة العربية: لغةُ العرب يحتج بِهَا فيما اختلفُ فيه، إِذَا كَانَ أقْرائِكَ. قال أبو بكر: ومن العظيم أنَّ عليًا وعمرَ ﵄ قَدْ قالا: "القُرْؤُ: الحَيضُ" فهل يُجْتَرا عَلَى تجهيلهما باللغة؟ ومنها قوله فِي قوله جلّ ثناؤه: ﴿حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ﴾ ١ أنه أرادَ الذكور دون الإناث. قال: وهذا من غريب مَا يَغلَط فِيهِ مثله. يقول الله جلّ ثناؤه: ﴿يَا بَنِي آَدَمَ﴾ ٢ أفَتُراه أراد الرِّجالَ دون النساء؟ قال ابن داود: وإنَّ قبيحًا مُفْرِط القَبَاحة بمن يعيب مالك بن أنسٍ بأنه لَحَنَ فِي مخاطَبَةِ العامَّة بأن قال: "مُطرنا البارحة مطرًا أيَّ مطرًا" أن يرضَى هو لنفسه أن يتكلم بمثل هَذَا. لأن النَّاس لَمْ يزالوا يلحنون ويَتَلاحَنُون فيما يخاطب بعضُهم _________ ١ سورة النساء، الآية: ٨٣. ٢ سورة الأعراف، الآية: ٢٦، ٢٧، ٣١، ٣٥.
1 / 34