بيت من الشعر أو بيت من الشعر
وقد أتانا أنك نزلت هنا بقوم أفضت إليهم بحديث لم يأمرك به آمر، هو رأي رأيته. قلته لرجل اخترته فروي عنك ذلك الحديث بسنده المتصل. فاستفز جماعة جبلوا على مضغ الكلام. وهنا الرجال والنساء يمضغون المصطكاء. وقد ذكرت صحيفة من صحفهم خطابا أنفذوه إليك وجاوبتهم عليه. وقرأت أنا ذينك الكتابين وقرأهما غيري.
إذا صدق ظني فالكتاب مصطنع. أنت أجل من أن تقول مثل هذا الكلام. نعم سبقت لك شطحات كنت أقرؤها وأضحك، أما مثل خطابك فلا أخالك ترضاه لنفسك.
قال قائلهم إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم. قلت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وهل هذا منطق الطير الذي علمه الله؟ إن هذا إلا إفك مبين.
إذا كنت تركت «تصوير الأفكار» فما تركت الأفكار، والقوم لا بأس بما فيهم من طول ومن قصر ... غير أن في الناس غيرهم يقرؤون ما تكتب، فماذا تراهم يقولون؟ أنت الآن في غرفتك أمامك أوراق مما بقي من العهد القديم. فيها من العجائب والغرائب ما يستضحكك طورا ويستبكيك طورا، ولا يأتيك نبأ ما يقول الناس لبعد الشقة واختلال البريد. ولكن نحن نسمع والأغرب أننا نفهم. آه يا ليتنا لا نفهم. إذن لاسترحنا واستراح كثير معنا.
يزعمون أنك تبغض الإنكليز. أبغضهم ما شئت وأحببهم ما شئت. لسنا على فؤادك مسيطرين. ولكن الوالي العثماني يحب من تحب دولته، ودولتك تحب الإنكليز والإنكليز يحبونها.
يزعمون أنك تقول إن الهند ومصر شريكتان في الشقاء وإنهما يتململان من ظلم الإنكليز. ولكنك تعرف أن في الظلم ضروبا لا يجارينا إليها الإنكليز، وأن القوم نزلوا بمصر وعيوننا تراهم، وأن فضلهم على هذا القطر أعظم من فتح الشوارع وإقامة التماثيل، وأن لهم عندنا معشر العثمانيين لجميلا لا ينساه من في فؤاده مثقال ذرة من المروءة. وربما كان في أبناء التأميز أفراد لا يحبون العثمانيين، فليكن في العثمانيين أناس يبغضون أبناء التأميز. غير أن والي البصرة يجب أن لا يكون إلا وفيا عارفا بمرامي الكلام.
سيدي، لو رأيتك على كرسي الحكم بين جندك وحشمك لقلت: ما شاء الله، ولعوذتك من عيون الحاسدين. غير أنك حين تبدي من التواضع ما ليس من حقك، يرن في أذنيك نداء يستفزك فوق مقعدك الوثير ، فتسمع هاتفا يقول إن العصا قرعت لذي الحلم.
رأيتك آسفا لما فاتك من زيارة قبر أن تجله، فتذكرت قول الشاعر:
فقال: أتبكي كل قبر أتيته
Page inconnue