وآزرت الهيئة الوطنية في مصر سنة 1928 في ضجة الشعب المصري لوأد الدستور، كما تفوقت في الدفاع عن عروبة فلسطين.
ودافعت عن عرب خوزستان في مقالات أحدثت صدى في الأوساط العراقية والإيرانية والأجنبية.
ولما عطلت الحكومة «النهضة العراقية» في مطلع أيلول (سبتمبر) 1929 لحملتها على الإنكليز في الشرق عامة وفي العراق خاصة، أصدر الحزب مكانها «صوت العراق» لصاحب امتيازها مزاحم الأمين الباجه جي - ولما تكن قد نشرت بعد - التي أصيبت هي الأخرى بنكبة التعطيل الإداري من الحكومة.
جريدة الحزب الوطني
و«الحزب الوطني» المؤسس في 2 آب (أغسطس) سنة 1922 عرف بأنه من أصلب الأحزاب الوطنية عودا وأشدها مراسا في الكفاح السياسي، ولا سيما في معارضة سياسة الانتداب، ومن رجاله غير رئيسه جعفر أبو التمن، بهجة زينل، ومحمد مهدي البصير، وحمدي الباجه جي، ونوري فتاح باشا، وعلي محمود الشيخ علي.
دون الحزب في المادة 3 من منهجه أن «غاية السياسة هي المحافظة على استقلال العراق التام بحدوده الطبيعية ومؤازرة حكومته الملوكية الدستورية النيابية، والذب عن كيان الأمة العراقية، والنهوض بها إلى مصاف الأمم الراقية ماديا وأدبيا، وتحسين الصلات بين العراق والأمم الراقية؛ للسعي وراء المشاريع المفيدة، وتنشيط الفكرة الوطنية للوحدة العراقية، واتخاذ الوسائل المشروعة لردع من يتصدى لنشر وإذاعة ما يوقع الشقاق والتفريق بدعاية الدين والجنس بين العراقيين.»
ولم يعن الحزب في السنوات الثماني الأولى من حياته بإصدار جريدة خاصة به، ولعله اكتفى بجريدة أحد أعضائه عبد الغفور البدري «الاستقلال»، وكان هذا الصحافي جريئا يواجه النكبات الصحفية بصدر رحب، فتتعرض جريدته للتعطيل المتواصل، فينشر بمكانها جرائد أخرى، ولكن الحزب اعتزم إصدار جريدة تكون لسانه، فظهرت جريدة «صدى الاستقلال» يومية، أثبت في رأسها أنها «لسان حال الحزب الوطني العراقي»، وتولى سياستها علي محمود الشيخ علي الذي طالما حملت صحيفة «الاستقلال» أو الصحف التي نشرتها إدارتها مكانها مقالاته الضافية في القضايا الراهنة. وقد اتسمت هذه المقالات بطول النفس وصرامة التعبير.
برزت الجريدة للوجود يوم 15 أيلول (سبتمبر) سنة 1930، ونشأت تخدم أغراض الحزب الوطني، فلم تتحمل الحكومة لاذع انتقادها فعطلتها ولما يمض على نشرها شهر واحد، فاستعاض الحزب عنها بجريدة أخذ أحد أعضاء الحزب «محمود رامز» على عاتقه مسئوليتها. «صدى الوطن» ظهرت في 25 تشرين الثاني (نوفمبر) سنة 1930، فكان نصيب جريدة الحزب الوطني الجديدة نصيب أخواتها، فعطلت بعد شهر ونصف من عمرها، فلم يهرب أعضاء الحزب من ميدان المعارضة من منبر الصحافة، بل صعدوا للقراع فحصل «محمود رامز» على امتياز جريدة جديدة باسم «الثبات» بدأت خدمتها في 30 كانون الأول (ديسمبر) سنة 1931، فعطلتها الحكومة في 7 شباط (فبراير) سنة 1932.
وبعد أن أعلن عميد الحزب «جعفر أبو التمن» اعتزاله السياسة سنة 1934 وأصاب الحزب التضعضع أراد بقية أركانه أن ينشطوا للعمل، ويبدوا حيوية تلفت النظر إلى حزبهم، وحيث لم تكن له جريدة تذيع رسالته، وكان صاحب جريدة «الاستقلال» عبد الغفور البدري هو الآخر قد سبق فاستقال من الحزب بتحريض من رئيس الوزراء الذي كون المجلس النيابي سنة 1933؛ ليضمن كرسيا له في المجلس، فاندفع «محمود رامز» فاستأنف إصدار جريدة «الثبات» تنشر مرتين في الأسبوع، وعهد بتحريرها إلى «أحمد عزت الأعظمي» من صحافي الثورة الذين تحدثنا عنهم في محاضرات فائتة. وقد قال صاحب «الثبات» في العدد الأول من عهدها الجديد بعنوان «الله والوطن»:
أصدرت قبل عامين جريدة «الوطن»، فقامت بما حتمه عليها الواجب وقضت به المبادئ والكرامة، فذهبت شهيدة فيهما ضحية لهما بالتعطيل مرتين ثم الاختفاء الأخير، وعز علينا أن نستسلم للأمرين خائفين لا نبدي حراكا ولا نأتي عملا، فيبقى الحزب الوطني من غير صحيفة تعمل بمبادئه، وإن قامت بعض الصحف بتمثيل رأي الحزب حينا من الأحايين، فكلف الحزب أحد أعضائه وهو مدير هذه الجريدة باستحصال إذن بإصدار «الثبات»، فصدرت وظلت تناضل عاما كاملا حتى قضي عليها بالتعطيل مرتين، وها هي اليوم تعود إلى الميدان حاملة لأمتها علم الإخلاص في الكفاح، قوية في إيمانها، ماضية في خطتها، مبشرة بمبادئها، مستمدة قواها وروحها من روح هذه الأمة، ملهمة في الدفاع عنها من الله وإرادة الأمة، أجل وها هي اليوم تعود إلى ميدان الجهاد والتضحية في سبيل هذا الوطن المنكود الذي تفاقمت عليه الأرزاء والمحن من كل جانب، وتضافرت عليه الأطماع والأهواء وشتى أسباب التنكيل به، إن هذه الصحيفة تريد أن تعمل في توحيد الصفوف وجمع الكلمة والتقريب بين المخلصين، وخلق وحدة قوية منهم؛ ليتم العمل المشترك في إنهاض هذه البلاد وإنماء روح الشعور القومي، وتقضي على كل فرد مشعوذ يريد القضاء على هذه الوحدة المقدسة ...
Page inconnue