ويحسن التنبيه هنا على أمرين، الأول: أنه لا يكاد يوجد في الزيدية من لا يخطئ من تقدم الإمام علي وإن اختلفوا في مقدار ذلك الخطأ.
الثاني: أن بعض الجارودية من الزيدية يذهبون إلى البراءة ممن تقدم الإمام علي أو قدم عليه، ولا يجدون حرجا في البراءة منهم والغض من شأنهم، حتى إن بعض متأخريهم أفردوا لذلك كتبا جمعوا فيها نصوصا من كلام الأئمة رأوا أنها تؤيد موقفهم في الغمز والبراءة، ومن ذلك ما تضمنه كتاب (مجموع السيد حميدان بن يحيى القاسمي)، وكتاب (مناظرة الشيعي والناصبي) لإبراهيم بن يحيى الأخفش، وكتاب (الياقوتة المضيئة في معرفة الإمامة) للقاسم بن نجم الدين القاسمي، وكتاب (السيف الباتر المضيء لكشف الإبهام والتمويه في إرشاد الغبي) لإسماعيل بن عز الدين النعمي، و(العسجد المذاب في منهج الآل في الأصحاب) لإسماعيل بن حسين جغمان.
وقد اطلعت على تلك الكتب وتأملتها فوجدت أنما فيها من كلام الأئمة لا يتجاوز التأكيد على استحقاق الإمام علي للخلافة وتخطئة من تقدمه.
أما السباب والبراءة، فقد استنكره كبار الأئمة، وأكدوا براءة الزيدية منه، حتى إن بعضهم يميز من عرف عنه سب أو تطاول بأنه جارودي، ويصفون تركه ذلك رجوعا إلى مذهب الزيدية، كما في (طبقات الزيدية) ترجمة أحمد بن ناصر المخلافي. فأئمة الهدى ينزهون أنفسهم عن السباب والشتائم، ومن أقوالهم في ذلك ما يلي:
Page 60