عن السوء، وأصله من السَّبْح وهو الجري والذهاب قال تعالى ﴿إِنَّ لَكَ فِي النهار سَبْحًَا طَوِيلًا﴾ [المزمل: ٧] فالمسَبِّح جارٍ في تنزيه الله تعالى ﴿وَنُقَدِّسُ﴾ التقديس: التطهير ومنه الأرض المقدسة، وروح القدس، وضده التنجيس، وتقديس الله معناه: تمجيده وتعظيمه وتطهير ذكره عما لا يليق به وفي صحيح مسلم أن رسول الله ﷺ َ كان يقول في ركوعه وسجوده «سبُّوح قدُّوس ربُّ الملائكةِ والرُّوح» ﴿أَنْبِئُونِي﴾ أخبروني والنبأ: الخبر الهام ذو الفائدة العظيمة قال تعالى ﴿قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ﴾ [ص: ٦٧] ﴿تُبْدُونَ﴾ تظهرون ﴿تَكْتُمُونَ﴾ تخفون ومنه كتم العلم أي اخفاؤه.
التفِسير: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ﴾ أي اذكر يا محمد حين قال ربك للملائكة واقصص على قومك ذلك ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأرض خَلِيفَةً﴾ أي خالق في الأرض ومتخذ فيها خليفة يخلفني في تنفيذ أحكامي فيها وهو آدم أو قومًا يخلف بعضهم بعضًا قرنًا بعد قرن، وجيلًا بعد جيل ﴿قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا﴾ أي قالوا على سبيل التعجب والاستعلام: كيف تستخلف هؤلاء، وفيهم من يفسد في الأرض بالمعاصي ﴿وَيَسْفِكُ الدمآء﴾ أي يريق الدماء بالبغي والاعتداء!! ﴿وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ﴾ أي ننزهك عما لا يليق بك متلبسين بحمدك ﴿وَنُقَدِّسُ لَكَ﴾ أي نعظم أمرك ونطهرّ ذكرك مما نسبه إِليك الملحدون ﴿قَالَ إني أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾ أي أعلم من المصالح ما هو خفيٌ عليكم، ولي حكمة في خلق الخليقة لا تعلمونها ﴿وَعَلَّمَءَادَمَ الأسمآء كُلَّهَا﴾ أي أسماء المسمّيات كلها قال ابن عباس: علّمه اسم كل شيء حتى القصعة والمغرفة ﴿عَرَضَهُمْ عَلَى الملائكة﴾ أي عرض المسميات على الملائكة وسألهم على سبيل التبكيت ﴿فَقَالَ أَنْبِئُونِي﴾ أي أخبروني ﴿بِأَسْمَآءِ هؤلاء﴾ أي بأسماء هذه المخلوقات التي ترونها ﴿إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ أي في زعمكم أنكم الملائكة، وخصّه بالمعرفة التامة دونهم، من معرفة الأسماء والأشياء، والأجناس، واللغات، ولهذا اعترفوا بالعجز والقصور ﴿قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَآ إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَآ﴾ أي ننزهك يا ألله عن النقص ونحن لا علم لنا إلا ما علمتنا إِياه ﴿الحكيم﴾ الذي لا يفعل إلا ما تقتضيه الحكمة ﴿قَالَ يَآءَادَمُ أَنبِئْهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ﴾ أي أعلمهم بالأسماء التي عجزوا عن علمها، واعترفوا بتقاصر هممهم عن بلوغ مرتبتها ﴿فَلَمَّآ أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ﴾ أي أخبرهم بكل الأشياء، وسمَّى كل شيء باسمه، وذكر حكمته التي خلق لها ﴿قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ إني أَعْلَمُ غَيْبَ السماوات والأرض﴾ أي قال تعالى للملائكة: ألم أنبئكم بأني أعلم ما غاب في السماوات والأرض عنكم ﴿وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ﴾ أي ما تظهرون ﴿وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾ أي تسرون من دعواكم أن الله لا يخلق خلقًا أفضل منكم، روي أنه تعالى لما خلق آدم ﵇، رأت الملائكة فطرته العجيبة، وقالوا: ليكن ما شاء فلن يخلق ربنا خلقًا إِلا كنا أكرم عليه منه.
1 / 41