144

Le Meilleur des Tafsirs

صفوة التفاسير

Maison d'édition

دار الصابوني للطباعة والنشر والتوزيع

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

Lieu d'édition

القاهرة

Genres

وسميت التكاليف الشاقة إِصرًا لأنها تثقل كاهل صاحبها كما يسمى العهد إصرًا لأنه ثقيل. ﴿طَاقَةَ﴾ الطاقة: القدرة على الشيء من أطاق الشيء وهو مصدر جاء على غير قياس الفعل ﴿واعف عَنَّا﴾ العفو: الصفح عن الذنب ﴿واغفر لَنَا﴾ الغفران: ستر الذنب ومحوه.
سَبَبُ النزّول: لما نزل قوله تعالى ﴿وَإِن تُبْدُواْ مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ الله﴾ الآية، اشتد ذلك على أصحاب رسول الله ﷺ َ فأتوا رسول الله فقالوا: كُلِّفنا من الأعمال ما نطيق: الصلاة والصيام والجهاد والصقدة، وقد أنزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها فقال ﷺ َ: أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم ﴿سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا﴾ [البقرة: ٩٣] قولوا ﴿سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا﴾ «فلما قرأها القوم وجرت بها ألسنتهم أنزل الله تعالى ﴿آمَنَ الرسول بِمَآ أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ﴾ ونسخها الله تعالى فأنزل ﴿لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكتسبت﴾ الآية»
التفِسير: ﴿للَّهِ ما فِي السماوات وَمَا فِي الأرض﴾ أي هو سبحانه المالك لما في السماوات والأرض المطّلع على ما فيهن ﴿وَإِن تُبْدُواْ مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ الله﴾ أي إِن أظهرتم ما في أنفسكم من السوء أو أسررتموه فإِن الله يعلمه ويحاسبكم عليه ﴿فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ والله على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ أي يعفو عمن يشاء ويعاقب من يشاء وهو القادر على كل شيء الذي لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون ﴿آمَنَ الرسول بِمَآ أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ والمؤمنون﴾ أي صدّق محمد ﷺ َ بما أنزل الله إِليه من القرآن والوحى وكذلك المؤمنون ﴿كُلٌّ آمَنَ بالله وملائكته وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ﴾ أي الجميع من النبي والأتباع صدَّق بوحدانية الله، وآمن بملائكته وكتبه ورسله ﴿لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ﴾ أي لا نؤمن بالبعض ونكفر بالبعض كما فعل اليهود والنصارى بل نؤمن بجميع رسل الله دون تفريق ﴿وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ المصير﴾ أي أجبنا دعوتك وأطعنا أمرك فنسألك يا ألله المغفرة لمن اقترفناه من الذنوب وإِليك وحدك يا ألله المرجع والمآب.
﴿لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا﴾ أي لا يكلف المولى تعالى أحدًا فوق طاقته ﴿لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكتسبت﴾ أي لكل نفس جزاء ما قدمت من خير، وجزاء ما اقترفت من شرّ ﴿رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ أي قولوا ذلك في دعائكم والمعنى لا تعذبنا يا ألله بما يصدر عنا بسبب النسيان أو الخطأ ﴿رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَآ إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الذين مِن قَبْلِنَا﴾ أي ولا تكلفنا بالتكاليف الشاقة التي نعجز عنها كما كلفت بها من قبلنا من الأمم كقتل النفس في التوبة وفرض موضع النجاسة ﴿رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ﴾ أي لا تحمّلنا ما لا قدرة لنا عليه من التكاليف والبلاء ﴿واعف عَنَّا واغفر لَنَا وارحمنآ﴾ أي امحُ عنا ذنوبنا واستر سيئاتنا فلا تفضحنا يوم الحشر الأكبر وارحمنا برحمتك التي وسعت كل شيء ﴿أَنتَ مَوْلاَنَا فانصرنا عَلَى القوم الكافرين﴾ أي أنت يا ألله ناصرنا ومتولي أمورنا فلا تخذلنا، وانصرنا على أعدائنا وأعداء دينك من القوم الكافرين، الذين جحدوا دينك وأنكروا وحدانيتك وكذبوا برسالة نبيك ﷺ َ. روي أنه ﵇ لما دعا بهذه الدعوات قيل له عند كل دعوة: قد فعلتُ.
البَلاَغَة: ١ - تضمنت الآية من أنواع الفصاحة وضروب البلاغة أشياء منها «الطباق» في قوله ﴿

1 / 163