Le Meilleur des Tafsirs
صفوة التفاسير
Maison d'édition
دار الصابوني للطباعة والنشر والتوزيع
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
Lieu d'édition
القاهرة
Genres
تعوَّد بسطَ الكفِّ حتى لو أنه ... دعاها لقبضٍ لم تُجْبه أناملُه
﴿الملإ﴾ الأشراف من الناس سمّوا بذلك لأنهم يلمؤون العين مهابةً وإِجلالًا. ﴿فَصَلَ﴾ انفصل من مكانه يقال: فصل عن الموضع انفصل عنه وجاوزه. ﴿مُبْتَلِيكُمْ﴾ مختبركم. ﴿يَظُنُّونَ﴾ يستيقنون ويعلمون. ﴿فِئَةٍ﴾ الفئة: الجماعة من الناس لا واحد له كالرهط والنفر. ﴿أَفْرِغْ﴾ أفرغ الشيء صبَّه وأنزله.
التفسِير: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ﴾ أي ألم يصل إِلى سمعك يا محمد أو أيها المخاطب حال أولئك القوم الذين خرجوا من وطنهم وهم ألف مؤلفة ﴿حَذَرَ الموت﴾ أي خوفًا من الموت وفرارًا منه، والغرض من الاستفهام التعجيب والتشويق إِلى سماع قصتهم وكانوا سبعين ألفًا ﴿فَقَالَ لَهُمُ الله مُوتُواْ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ﴾ أي أماتهم الله ثم أحياهم، وهم قوم من بني إِسرائيل دعاهم ملكهم إِلى الجهاد فهربوا خوفًا من الموت فأماتهم الله ثمانية أيام ثم أحياهم بدعوة نبيهم «حزقيل» فعاشوا بعد ذلك دهرًا، وقيل: هربوا من الطاعون فأماتهم الله قال ابن كثير: وفي هذه القصة عبرةٌ على أنه لا يغني تحذرٌ من قدر، وأنه لا ملجأ من الله إِلا إِليه ﴿إِنَّ الله لَذُو فَضْلٍ عَلَى الناس﴾ أي ذو إِنعام وإِحسان على الناس حيث يريهم من الآيات الباهرة والحجج القاطعة ما يبصّرهم بما فيه سعادتهم في الدنيا والآخرة ﴿ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يَشْكُرُونَ﴾ أي لا يشكرون الله على نعمه بل ينكرون ويجحدون ﴿وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ واعلموا أَنَّ الله سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ أي قاتلوا الكفار لإِعلاء دين الله، لا لحظوظ النفس وأهوائها واعلموا أنّ الله سميع لأقوالكم، عليم بنيّاتكم وأحوالكم فيجازيكم عليها، وكما أنّ الحذر لا يغني من القدر فكذلك الفرار من الجهاد لا يقرّب أجلًا ولا يبعده ﴿مَّن ذَا الذي يُقْرِضُ الله قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً﴾ أي من الذي يبذل ماله وينفقه في سبيل الخير ابتغاء وجه الله، ولإِعلاء كلمة الله في الجهاد وسائر طرق الخير، فيكون جزاؤه أن يضاعف الله تعالى له ذلك القرض أضعافًا كثيرة؟ لأنه قرضٌ لأغنى الأغنياء ربّ العالمين ﷻ وفي الحديث
«مَنْ يُقْرِضُ غَيْرَ عَدِيم وَلاَ ظَلُومٍ» ﴿والله يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ﴾ أي يقتّر على من يشاء ويوسّع على من يشاء ابتلاءً وامتحانًا ﴿وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ أي يوم القيامة فيجازيكم على أعمالكم ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الملإ مِن بني إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ موسى﴾ أي ألم يصل خبر القوم إليك؟ وهو تعجيب وتشويق للسامع كما تقدم وكانوا من بني إسرائيل وبعد وفاة موسى ﵇ كما دلت عليه الآية ﴿إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابعث لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ الله﴾ أي حين قالوا لنبيِّهم «شمعون» - وهو من نسل هارون أقم لنا أميرًا واجعله قائدًا لنا لنقاتل معه الأعداء في سبيل الله ﴿قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ القتال أَلاَّ تُقَاتِلُواْ﴾ أي قال لهم نبيّهم: أخشى أن يُفرض عليكم القتال ثم لا تقاتلوا عدوكم وتجبنوا عن لقائه ﴿قَالُواْ وَمَا لَنَآ أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ الله وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا﴾ أي أيُّ سببٍ لنا في ألاّ نقاتل عدونا وقد أخذت منا البلاد وسُبيت الأولاد؟ قال تعالى بيانًا لما انطوت عليه نفوسهم من الهلع والجبن ﴿فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ القتال تَوَلَّوْاْ إِلاَّ قَلِيلًا مِّنْهُمْ﴾ أي لما فرض عليهم القتال نكل أكثرهم عن
1 / 141