L'élite de l'ère dans l'histoire et les portraits des hommes célèbres d'Égypte
صفوة العصر في تاريخ ورسوم مشاهير رجال مصر
Genres
ولما كانت مسألة الكفاءة بغير الشهادات أمرا من الأمور، التي لا يزال مشكوكا فيها عند البعض كذبها الواقع أو صدقها دخل سعد باشا الامتحان في القوانين باللغة الفرنسية، ونال شهادة «الليسانس» وهو قاض في الاستئناف بعد أن جلس مجلس الطالب؛ لأن علو النفس يتطلب دائما الكمال والعلا، وفي سنة 1907م عين وزيرا للمعارف.
تولى سعد باشا وزارة المعارف فأقام فيها صرحا من الإصلاح إذا كانت تعلم العلوم في المدارس بغير لغة البلاد، ولما كان حفظ الأمة بحفظ لغتها وتعليم العلوم بغير لغة الإنسان لا يمكنه من الوقوف على حقائقها جعل تعليم العلوم بلغة الشعب، وأوجد قلما للترجمة والنشر من خير المترجمين.
ولقد كتبت جريدة التيمس الإنجليزية في عام 1906م عن صاحب الترجمة ما ملخصه:
هو من شيعة المرحوم محمد عبده الذين امتازوا بالارتقاء والتهذيب، وهم الذين سماهم اللورد كرومر فريق «الجيروند» في النهضة الوطنية المصرية، وهو مصري عريق في وطنيته أجمع الناس على إكرامه والإعجاب به؛ لما اشتهر عنه من الاستقامة والاستقلال «والجيروند» ويقولون: بالملكية الدستورية.
ثم تولى بعد ذلك وزارة الحقانية والبلاد مسممة بجريمة تسميم الحيوانات، وإتلاف المزروعات فضرب على أيدي هؤلاء العابثين بالأرواح والمال، بجعل هذه الجرائم جنايات، بعد أن كانت جنحا ليس لها من قوة الردع والزجر ما فيه الاعتبار والإقلاع عن ارتكاب الإثم.
فكان في كل أعماله مثالا للحكمة والهمة والجد في الأعمال، ومما هو جدير بالذكر ما تنبأ به لورد كرومر، إذ قال في خطبة وداعه:
وأذكر أخيرا أيها السادة اسم رجل لم أشتغل معه إلا من عهد قريب، لكن معاشرتي القصيرة له قد علمتني أن أحترمه احتراما عظيما، وإن أصاب ظني أو لم يخطئ كثيرا، فسيكون أمام ناظر المعارف الجديد سعادة سعد باشا زغلول مستقبل عظيم للمنفعة العمومية؛ لأنه حائز لجميع الصفات اللازمة لخدمة بلاده، فهو صادق مستقيم كفء مقتدر شجاع فيما هو مقتنع به، وقد احتمل الطعن والذم من كثيرين دونه فضلا بمراحل من أبناء وطنه، فهذه صفات سامية، فالواجب أن صاحبها يتقدم كثيرا.
ولما اعتزل الحكومة لسقوط وزارة محمد باشا سعيد عام 1913م، انتخب وكيلا للجمعية التشريعية عن الأمة مع وكيل ثان عن الحكومة، فكانت حياته النيابية مبدأ عصر جديد، فكم له من مواقف مشهورة، وأعمال مذكورة فقد كان لسان الجمعية وروحها وعلمها الفرد، ورجلها الفذ، ولقد كانت تهتم الصحف العربية والإفرنجية بنشر أعماله وأحاديثه بوجه خاص.
ومن كلماته في الجمعية التشريعية والإصلاح:
إذا كانت الحكومة تريد أن تكون الجمعية التشريعية مكتب تسجيل لقوانين الحكومة وأوامرها، فأنا بصفتي مصريا محبا لبلادي أفضل ألا يكون لمثل هذه الجمعية أثر في الوجود، نعم إن حق الجمعية في التشريع حق ضعيف جدا كما يقولون؛ ولهذا نستصرخكم يا حضرات النظار ألا يزيدوه بقوتكم ضعفا على ضعف.
Page inconnue