روى الإمام أبو عبد الله بن بطة، في كتابه (كتاب): الإبانة عن أبي بكر الصديق ﵁ أنه قال: مثلنا ومثل الأنصار، كما قال المنوي [١٢] لنبي جعفر: [الطويل]
جزى الله عنَّا جعفرًا حينَ أسفرتْ ... بنا نعلنا في الواطئينَ فزلَّتِ
أبوا أنْ يملُّونا ولو أنَّ أمَّنا ... تلاقي الّذي لاقوهُ منَّا لملَّتِ
وذكر أحمد بن عبد الله العزيز، في (كتاب): التعازي بإسناده عن هارون بن هلال الجزري، قال: لما قبض النبي ﷺ رثته أم المؤمنين عائشة ﵁ فقالت: [الكامل]
قدْ كنتَ ذاتَ حميَّةٍ ما عشتَ لي ... أمشي السَّراحَ وأنتَ كنتَ جناحي
فاليومَ أخضعُ للضعيفِ وأتَّقي ... منهُ، وأدفعُ ظالمي بالرَّاحِ
وإذا دعتْ قمريَّةٌ شجنًا لها ... ليلًا على غصنٍ بكيتُ صياحي
وقد ذكر أن الشعر لفاطمة الخزاعية، وفيه زيادة لحد البيت الأول: [الكامل]
قدْ كنتَ لي جبلًا ألوذُ بظلِّهِ ... فتركني أمشي بأجردَ ضاحي
تعني بأجرد أي لا نبات عليه وضاحي تحت السماء تصيبني الشمس بحرها. روي أن حسان بن ثابت كان يخضب شاربه وعنفقته بالحناء، قال: لأكون كأني أسد، والغ في دم.
قيل: إن عبد الملك بمن مروان كان أشد الناس حبًا لزوجته، عاتكة بنت يزيد بن معاوية، وهي أم يزيد عبد الملك، فغضبت يومًا على عبد الملك فشكا إلى خاصته، فقال عمر بن بلال الأسدي، وكان من خواص خلوته، ما الذي لي عندك إن رضيت عاتكة؟ فقال: حكمك. فأتى عمر بابها، وجعل يتباكى، وأرسل إليها يعرفها حضوره ببابها، فخرجن إليه خاصتها وجواريها وقلن: مالك؟، وما حاجتك؟ قال: إني إلى عاتكة ورجوتها، وقد علمت مكاني من أمير المؤمنين معون جدها، ومن ولده بعده، قلن: وما الذي ونزل بك؟ قال: ابناي لم يكن لي غيرهما، فقتل أحدهما صاحبة، وقال أمير المؤمنين: أنا قاتل الآخر به، فقلت أنا الولي، وقد عفوت.
قال: لا أعود الناس هذه العادة، وقد رجوت أن ينجي الله ابني هذا الذي لا يبق لي سواه عل يدها وبشفاعته، فدخلن فذكرن [١٣] لها ذلك، فقالت: كيف أصنع بغضبي عليه، وما أظهرت له من التعتب، فقلن: إذن، والله يقتل ولده، فلم يزلن، حتى دعت ثيابها، ثم خرجت، وأقبل خديج الخادم الخصي فقال: يا أمير المؤمنين، هذه عاتكة قد أقبلت، قال: ويلك ما تقول؟ قال، والله قد طلعت.
فقال: فأقبلت وسلمت فلم يرد فقالت: والله لولا يعلم عمر ما جئت إليك، كيف تقتل ولده بالآخر يا أمير المؤمنين، وهو الولي، وقد عفا؟ فقال: إني أكره أن أعود الناس هذا، قالت: أنشدك الله يا أمير المؤمنين، فقد عرفت مكانه من أمير المؤمنين أبي وجدي، وهو ببابي، فلم تزل، حتى أخذت رجله فقبلتها.
فقال: هو لك، ولم يبرحا، حتى اصطلحا، ثم راح عمر بن بلال على عبد الملك فقال: يا أمير المؤمنين كيف رأيت؟ قال: رأينا أثرك وثمرة توصلك فهات حاجتك، قال: مزرعة بعيرتها، وما فيها، وألف دينار وفرائض لولدي، وأهل بيتي وعيالي، قال: ذلك لك، ثم اندفع عبد الملك ينشد متمثلًا بشعر كثير: [الطويل]
وإنِّي لأرعى قومها منْ جلالها ... وإنْ أظهروا غشًَّا نصحتُ لهمْ جهدي
ولوْ حاربوا قومي لكنتُ لقومها ... صديقًا، ولم أحملْ على قومها حقدي
كان الحكم بن عبد الماء الشاعر هجاء، وكان أعورًا أحدب، قال العتبي: إنه ترك الوقوف بأبواب الملوك، وكان ينفذ عصاه وعليها مكتوب حاجته مع رسول، فلا تقف له حاجة، ولا يحبس له رسول، فقال في ذلك يحيى بن نوفل: [الطويل]
عصا حكمٍ في الدَّارِ أوًّلُ داخل ... ونحنُ على الأبوابِ نقصي ونحجبُ
وكانتْ عصا موسى لفرعونَ لآيةً ... وهذا لعمرو الله أدهى، وأعجبُ
تطاعُ، ولا تعصى، ويحذرُ سخطها ... ويرعبُ في المرضاءِ منها، ويرهبُ
لبعضهم: [الكامل]
اسكنْ إلى سكنٍ تلذُّ بهِ ... ذهبَ الزَّمانُ وأتتْ منفردُ
ترجو غدًا وغدٌ كحاملةٍ ... في الحيِّ لا يدرونَ ما تلدُ
روي أن سبحانه وائل مدح طلحة الطلحات الخزاعي فقال: [١٤] [الكامل]
يا طلحُ أكرمُ منْ مشى ... حسبًا وأعطاهمْ لتالدِ
منكَ العطا فاعطني ... وعليَّ حمدكَ في المشاهدِ
1 / 7