قيل: كتب زاهد إلى عالم صف لي الدنيا واجمع إليها الآخرة، وأوجز. فكتب إليه: الدنيا سنات، والآخرة يقظة، والمتوسط الموت، ونحن في أضغاث أحلام. وقال لقمان لابنه: يا بني إنك منذ سقطت إلى الدنيا استدبرتها واستقبلت الآخرة، وأنت إلى ما استقبلت أقرب منك إلى ما استدبرت.
قال علي ﵇: "لكل امرئٍ في ماله شريكان، الوارث، والحوداث".
نظمه ابن المعتز فقال:
يا مالُ كلُ جامع ووارث ... أبشرْ بريبِ وارثٍ وحادثِ
يقال: إن صحبة بليد نشأ مع العقلاء، خير من صحبة لبيب نشأ مع الجهال. قال أبو العيناء يومًا لعبد الله بن يحيى: أعز الله الوزير، نحن في العطلة مرحومون، وفي الوزراء محرومون، فمتى يكون الفرج؟ كان سعد بن عبادة يقول: اللهم ارزقني مجدًا وحمدًا، فإنه لا مجد إلا بمال، ولا حمد إلا بفعال قال بعضهم: تذاكرنا عند معون أفضل الأشياء، فقال الأحنف: أفضل الكلام قيل كيف، قال: لأن العقلاء أحسن ما خلق، والكلام ترجمانه. قال عبد الله بن عمر: اتقوا من تبغضه قلوبكم. وقال يحيى بن خالد البرمكي ﵀: إذا كرهتم الرجل من غير سوء أتاه إليكم فاحذروه، وإذا أحببتم الرجل من غير سوء أتاه إليكم فاحذروه وإذا أحببتم الرجل من غير سبق منه إليكم فارتجوه.
قيل إنه خرج المهدي إلى ماشيذان للصيد، فنصب الشبك، والأشراك للغزلان على الماء، فوردت لتشرب فوجدت ذلك، فتفرقت ونفرت، ثم عادت اليوم الثاني، والثالث وجهدها العطش. قال: فرآها الناس قد اجتمعت، ورفعت رؤوسها إلى السماء، تضج لضجيج أصواتها فنشأت سحابة في الوقت، وأرسلت وابلها، حتى ملأت الأرض، وشربت ورويت، ولم يلبث المهدي بعد ذلك إلا أيامًا مات.
قيل لحكيم [٣] ما النعمة؟ قال: الأمن، فلا لذة لخائف، والغني، فلا لذة لفقير، والعافية، قلا لذة لسقيم. قالوا: زدنا قال: لا أجد مزيدًا، وفي نسخة أخرى، والشباب، فلا لذة لشيخ. وروي في الآثار أنه "من أصبح آمنًا في سربه معافى في بدنه، مالكًا قوت يومه فكأنما ملك الدنيا بحذافيرها".
وقد نظم المعنى بعض الشعراء فقال: [مجزوء الكامل]
منْ نالَ منَ السِّربِ في دعةٍ ... وأصابَ عافيةً منَ البلوى
وأناهُ قوتُ اليومِ في سعةٍ ... فكأنَّما حيزتْ لهُ الدُّنيا
قال رجل للمنصور: الانتقام عدل، والتجاوز فضل، ونحن نعيذ أمير المؤمنين بالله من أن يرضى لنفسه بأوكس النصيبين دون أن يبلغ أرفع الدرجتين، وقال المأمون: لو علمت الرعية ما لنا في لذيذ العفو ما تقريت إلينا بغير الجنايات، وإني لأحسب أنني لا أجر لي لاستلذاذي به، وللمعنى: [الطويل]
لعمركَ ما بالمالِ يكتسبُ الغنى ... ولا باتِّساعِ المالِ يكتسبُ الفضلُ
فكمْ منْ قليلِ المالِ تحمدُ بذلهُ ... وآخرُ ذا مالٍ وليسَ لهُ بذلُ
وما سبقتْ منْ جاهلٍ قطُّ نعمةٌ ... إلى أحدٍ إلاّ أضرّ بها الجهلُ
وذو اللُّبِّ إنْ لمْ يعطي أحمدتَ ودَّهُ ... وإنْ هوَ أعطى زانهُ القولُ، والفعلُ
روي أنه دخل كعب الأحبار على عمر بن الخطاب ﵁ فقال له عمر: يا أبا إسحاق اجلس على هذه الوسادة، فتركها وجلس دونها، فقال له عمر: ما منعك مما قلت لك؟ قال: يا أمير المؤمنين: إن في حكمة آل سليمان ألا تكبر على السلطان، حتى يملك، ولا نقعد عنه، حتى ينساك، واجعل بينك وبينه مجلس رجل، أو رجلين، فعسى أن يأتيه من هو أولى منك بذلك، فتقام عنه، فيكون زيادة له ونقصًا عليك، فقال عمر: صدق الله تعالى: (وَمِن قَوْمِ مُوسَىَ أُمّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) [الأعراف: ١٥٩] .
قال سعد بن أبي وقاص لابنه: يا بني إذا طلبت الغني فاطلبه بالقناعة، فإن لم يكن لك قناعة فليس يغنيك مال.
مدح أعرابي رجلًا [٤] فقال: ذاك من شجر لا يخلف ثمره، ومن لا يخاف كدره. روي عن النبي ﷺ أنه قال: "لا يزال المسروق منه في تهمة من هو برئ، حتى يكون أعظم جرمًا من السارق".
1 / 2