والدور نوعان أحدهما الدور القبلي السبقي فهذا ممتنع باتفاق العقلاء مثل أن يقال لا يكون هذا إلا بعد ذاك ولا يكون ذاك إلا بعد هذا فهذا ممتنع باتفاق العقلاء ونفس تصوره يكفي في العلم بامتناعه فإن الشيء لا يكون قبل كونه ولا يتأخر كونه عن كونه فلو قيل إن الشيء لا يوجد إلا بعد أن يوجد لكان هذا ممتنعا فكيف إذا قيل أنه لا يكون إلا بعد ذاك وقيل أيضا ذاك لا يكون إلا بعد هذا فإنه يلزم أن يكون قبل قبل نفسه وبعد بعد نفسه فلزم الدور الممتنع أربع مرات فإنه إذا قيل لا يكون هذا إلا بعد ذاك كان ذاك قبل هذا وإذا قيل لا يكون ذاك إلا بعد هذا كان هذا بعد ذاك لا قبله فيلزم أن لا يكون هذا إلا قبل ذاك الذي هو قبل هذا وأن لا يكون ذاك إلا قبل هذا الذي هو قبل ذاك فيكون ذاك قبل ذاك بمرتبتين ويكون هذا قبل هذا بمرتبتين فلهذا اتفق العقلاء على امتناع هذا وأما الدور المعي الاقتراني مثل أن يقال لا يكون هذا إلا مع ذاك لا قبله ولا بعده فهذا جائز كما إذا قيل لا تكون الأبوة إلا مع البنوة وقيل أن صفات الرب اللازمة له لا تكون إلا مع ذاته وعلمه مع حياته وقدرته مع علمه ونحو ذلك
1 / 12