Les vagabonds et la chevalerie en Islam
الصعلكة والفتوة في الإسلام
Genres
فيتسلم كل طائفة معلم، حتى يبلغ الغاية في معرفة ما يحتاج إليه، وإذا ركبوا إلى لعب الرمح، أو رمي النشاب، لا يجسر جندي ولا أمير أن يحدثهم أو يدنو منهم، وبعد ذلك ينقل إلى الخدمة ويتنقل في أطوارها رتبة بعد رتبة، إلى أن يصير من الأمراء، فلا يبلغ هذه الرتبة إلا وقد تهذبت أخلاقه وكثرت آدابه، وامتزج تعظيم الإسلام وأهله بقلبه، واشتد ساعده في رماية النشاب، وحسن لعبه بالرمح، ومرن على ركوب الخيل.
ومنهم من يصير في مرتبة فقيه عارف، أو أديب شاعر، أو حاسب ماهر، وإذا اقترف ذنبا أو أخل برسم، أو ترك أدبا من آداب الدين أو الدنيا عوقب عقوبة شديدة بقدر جرمه، ولذلك كانوا سادة يدبرون الممالك، وقادة يجاهدون في سبيل الله.
وبلغت عدة المماليك السلطانية في أيام الملك المنصور قلاوون ستة آلاف وسبعمائة، فأراد ابنه الأشرف خليل تكميل عدتها عشرة آلاف مملوك، وجعلهم طوائف، ثم شغف الملك الناصر بجلب المماليك، وبعث في طلبهم من سائر البلاد وبذل الرغائب للتجار في حملهم إليه، ودفع فيهم الأموال العظيمة، وبلغت نفقات المماليك كل شهر إلى سبعين ألف درهم، ثم تزايدت حتى صارت في سنة 741 مائتين وعشرين ألف درهم. •••
وانتقلت الفروسية في الحروب الصليبية إلى الغربيين، وثار جدل طويل بين الباحثين، هل انتقلت الفروسية الغربية من الفروسية العربية مما شاهدوا من مثل صلاح الدين ونور الدين وأسامة بن منقذ، أو هم أخذوها من التقاليد والعادات الألمانية؟ ولا مجال هنا لسرد حجج كل فريق، وكل الذي نريد أن نقوله إن الفروسية سواء كانت عربية أو غربية تتضمن الشجاعة والإتيان بأعمال البطولة والكرم والسماحة والعفو عند المقدرة، واحترام المرأة، ووفاء العهد وحماية الضعفاء، وهذه كلها صفات الفتوة العسكرية. •••
أما الفتوة الكرمية أو كما يسمونها الجودية، فتتجلى فيما حكاه ابن بطوطة في رحلته إذ قال: إن هذا الإقليم المعروف بالأناضول من أحسن أقاليم الدنيا وقد جمع الله فيه ما قد فرق من المحاسن في كل باب، فأهله أجمل الناس صورا وأنظفهم ملابس، وأطيبهم مطاعم، والفتيان بجميع البلاد التركمانية الرومانية في كل مدينة وقرية.
ولا يوجد في الدنيا مثلها احتفالا بالغرباء وأسرع إلى إطعام الطعام وقضاء الحوائج. والأخذ على أيدي الظلمة ومن لحق بهم من أهل الشر. ويسمون الفتى «أخي» فيقولون: أخي عز الدين، وأخي علاء الدين، وأخي علي بك أي الفتى فلان. ويسمون الفتوة (أخية) على وزن شهية، ويقول ابن بطوطة ما مفاده: إنه في كل بلد دخله في الأناضول وجد هؤلاء الفتيان وهم منقسمون أقساما بحسب حرفهم، فالحلاقون والبزازون ... إلخ. ولهم شيخ عليهم، ولهم زاوية نظيفة في كل بلدة، مفروشة بالبسط وهم يشتغلون في صناعتهم بالنهار، ثم يعطون ما كسبوه إلى شيخهم وهو يحضر لهم الطعام والفاكهة والحلوى. وهم يفرحون بإضافة الضيوف والغرباء، فهم على هذا الوضع أشبه ما يكونون بنقابة عمال يعيشون عيشة اشتراكية. وكان ابن بطوطة كلما دخل بلدة من بلاد الأناضول سأل عن الأخية، وكثيرا ما حكى أن أهل هذه الأخية تنازعوا، وقد أشرف نزاعهم على الحرب، من أجل تزاحمهم في طلب ضيافته. وقد عثر على وقفيات كثيرة تثبت أن الأغنياء كثيرا ما وقفوا الأوقاف الكثيرة على هذه الأخيات.
فمثلا وجد في إحدى الوقفيات أن هذا الغني وقف أملاكه على أولاده، على أن يكون في قرب مرقده زاوية، ولتلك الزاوية شيخ وناظر من أولاده الذكور ثم الإناث، وأن يصلي الشيخ فيها خمس صلوات يدعو له في عقبها، ويذكر الله في ليلة الجمعة والاثنين، وبعد صلاة الصبح تقرأ سورة يس وبعض الأوراد. وشرط الواقف أن يكون الشيخ صالحا متقيا متورعا، صاحب عزلة وقناعة وصاحب أخلاق حميدة، ويجلس في الزاوية كل يوم، ويعطى له من الغلة في كل يوم درهم، وما بقي بعد ذلك يصرف على المستشفيات، وبعضها على ضيافة الضيوف. وقد عثرت على ميزانية لأخية من هذه الأخيات، صورتها ما يأتي:
الوارد
ج
7650
Page inconnue