فاشمأزت الحية إذ ذاك من حديثه، وارتدت عنه إلى وكرها، وهي تبربر في ذاتها قائلة: «قبحه الله من غريد فارغ الرأس!»
أما الحسون فطار وهو يغني بأعلى صوته قائلا: «وا أسفاه، إنك لا تغردين! وا أسفاه، وا أسفاه يا حكيمتي، إنك لا تطيرين!»
الأثمان
كان رجل يحفر في حقله، وفيما هو يحفر عثر على تمثال بديع من المرمر الجميل؛ فأخذه ومضى به إلى رجل كان شديد الولع بالآثار والعاديات وعرضه عليه،؛ فاشتراه منه بأبهظ الأثمان، ومضى كل منهما في سبيله.
وبينما كان البائع راجعا إلى بيته أخذ يفكر في ذاته قائلا: «ما أكثر ما في هذا المال من القوة والحياة! إنه بالحقيقة ليدهشني كيف أن رجلا عاقلا ينفق مالا هذا مقداره لقاء صخر أصم فاقد الحركة، كان مدفونا في الأرض منذ ألف سنة ولم يحلم به أحد.»
وفي الساعة عينها كان المشتري يتأمل التمثال مفكرا وقائلا في ذاته: «تبارك ما فيك من الجمال! تبارك ما فيك من الحياة! حلم أية نفس علوية أنت؟ هذه بالحقيقة نضارة أعطيتها من نوم ألف سنة في سكينة الأرض! إنني والله لا أفهم كيف يمكن الإنسان أن يبيع مثل هذه الطرفة النادرة بمال جامد زائل.»
البحار الأخرى
قالت سمكة لأختها: «يوجد فوق بحرنا هذا بحر آخر، وفيه مخلوقات متنوعة تعيش وتسبح هنالك كما نعيش نحن ها هنا ونسبح.»
فأجابتها أختها وقالت: «تلك أوهام! تلك أوهام! ألا تعلمين أيتها العزيزة أن كل مخلوق يترك بحرنا قيد قيراط واحد، ويبقى خارجا عنه، يموت في الحال؟ إذن فما هي حجتك على وجود أحياء أخرى في بحار أخرى؟»
التوبة
Page inconnue