فقاطعتها متحفزا: أنا نفسي! - الحق أني أتمنى الزواج لهما من أجلك أنت.
تساءلت بسخرية: هل لو جاء العريس المعجزة سأجد ما أجهزهما به؟
فتنهدت ولاذت بالصمت، فقلت بحدة: وأنا، ما ذنبي؟
فقالت بعصبية: اذهب وتزوج واتركنا لمصيرنا.
فصحت بحدة: حتى هذا لا أستطيعه.
بيت النكد الذي أزداد مع الأيام مقتا له؛ نفس الوجوه، نفس الأسى، نفس الحرمان، أليس لهذه الحياة من نهاية؟ فكرية عنيفة، وزينب أنانية، لا يبرحان البيت كرها في العالم ولخلو صوانهما من أي ملابس لائقة، والحرب تشتد والأسعار تتصاعد والقلق يتجمع. أقول لأمي: مأساتنا الأصلية أصبحت ترفا، علينا أن ننضبط في الإنفاق لأقصى حد. - إني أبذل كل ما في وسعي. - لم يحتط أبي الله يرحمه للمستقبل!
هبت للدفاع كعادتها قائلة: لم يكن في وسعه أن يفعل خيرا مما فعل. - أنفق عن سعة، وبالغ في تدليلي فأفسد علي حياتي! - أتلومه لأنه أحبك أكثر من أي شيء في الدنيا؟ - ألم يكن من الأصوب أن يوفر نقودا لزواج ابنتيه؟ - كان في نيته أن يستبدل جزءا من معاشه كلما احتاج إلى تجهيز واحدة.
وذات يوم استدعاني رئيسي لمكالمة تليفونية، وجاءني صوت خفق له قلبي بعنف، ملك حبيبتي دون غيرها، وسمت لي موعدا عند الأصيل بشارع السرايات. التقينا وليس في قلبي نبضة أمل واحدة، بعد عام فراق معذب طويل حزين، ها هو من جديد الوجه الجميل والجسم المترع بالجاذبية. وفي شيء من الارتباك والحياء قالت: نيستني طبعا!
فسرنا، وأنا أقول: لم تخطر لي هذه النهاية ببال. - وأنا كلما تقدم لي رجل رفضته، ولكن كيف لي بالصمود أمام العواصف؟ - أنا خجلان يا ملك. - ألا توجد بارقة تحسن؟ - من سيئ إلى أسوأ!
فسكتت بائسة، وقالت: لا يصح أن أخدعك.
Page inconnue