Pionniers de la Renaissance moderne
رواد النهضة الحديثة
Genres
إن مخيلة المراش ككأس أبي نواس فأنى اتجهت في شعره ونثره تجدها منتصبة أمامك كالمنارة أمام السفن الضاربة في عرض البحار.
قال أكثر شعره في أغراض جديدة، وعبارته رقيقة سهلة وأحيانا ركيكة. غزير الأفكار وكثيرا ما يعجز عن تأديتها بعبارة صحيحة. متشعب المواضيع، تغلب اللهجة الخطابية على ما يكتب شعرا ونثرا. واضح الصور، واسع الوصف، تشابيهه واستعارته وصوره مؤثرة، ولكنها تفيض عذوبة وحنانا. يغلب عليه التشاؤم حتى في غزله، وفي أشد مواطن الفرح ترى على وجهه جهومة ابتسامة حزينة إلا أنها صادقة. وإني أعزو هذا إلى الحصبة التي أصيب بها صغيرا، فتركت تشققا وتصدعا في بنيان هيكله، فأدى ذلك إلى كف بصره وموته الباكر.
وشعر المراش ونثره يدلان دلالة صارخة على حبه للعلم، فكأن الطب الذي تعلمه أحاله فيلسوفا في «مشهد الأحوال» و«غابة الحق» وكذلك أصاب أصحابنا الأندلسيين إذ استحال طبيبهم فيلسوفا. وللغربة أثرها البين في شعر المراش ونثره، كما نرى في مشهد الأحوال حين يصف لنا مشاهد باريسية. كان الشاعر أميل إلى وصف الحضارة والمدنية منه إلى وصف الطبيعة، وإن سمعناه يحن إلى جبل أبي العلاء المعري - جبل سمعان - قائلا:
فمتى أرى الأظعان تعدو بي على «سمعان» حيث مطالع الشهباء
ومتى أرى جبل اللكام يمد لي
باعا يطول على حبال النائي (2-1) مرآة الحسناء
عنوان ديوان له يقع في 348 صفحة، وهو لو طبع كما تطبع دواوين اليوم لفصلنا من ذلك القماش دواوين عديدة، واستقل كل من مواضيعه بديوان خاص به، ولكنه طبع في ذلك الزمان، يوم لم يكن هذا التنظيم والترتيب الذي يكثر ورقه، ويقل كلامه ...
يثور المراش في مقدمة ديوانه على القديم فيقول: إن المدح إطراء ورياء، والقدح حسد وعياء، ثم يعلن في قصيدة لامية الثورة على القديم، ولكنه لا يجهل أنه دونهم تعبيرا، فيعلن ذلك في كل مناسبة، وحسبنا أن نذكر هذه الأبيات التي ختم بها ديوانه «مرآة الحسناء»، معيدا الأمر كلما بدأه، قائلا:
هفواتي كثيرة ليس تحصى
ومن الفضل ليس لي من مزيه
Page inconnue