يملك في «قب الياس» أرضا مترامية الأطراف، هو معها من الأغنياء الموسرين، وتملك سيدة فاضلة أرضا واسعة في «قب الياس» هي معها من الغنيات الموسرات، وشاءت الظروف أن يستمر الخصام بينهما على الماء، وإلى من يتنافذان؟ فكان كلام أحد العقلاء إلى «قزعون» النائب قائلا: «خذها لك زوجة فيستوي لك ولها ما تريدان وينحل المشكل.» إلا أن «قزعون» متوالي و«لويزة» مسيحية، فلا حول ولا ...
نائب مخلص للانتداب، يمهر صوته في المجلس للسلطة دون سواها، ولكن هبه لا أحسن ولا أساء، فلا يقل شأنه في المجلس عمن نخاله يحسن أو يسيء.
يوسف البريدي
قناة مستقيمة لم يحرف الجلال والهيبة حقها عليها، يظهرها رأس معبس القسمات، مرتفع الجبين في أنفة وكبر، يستبطنه من الماضي أثر طيب ومن الحاضر كرامة وإجلال.
ذلك هو الزعيم الزحلي المعشوق «يوسف بك البريدي».
إذا تصفحت أديم وجهه وقف نظرك على أجفان متهدلة يندلق القسم الأعلى منها على مقلتين عميقتين أعارهما تهدل الأجفان صبغة أمر جلل، واستشففت خلل غضونه البارزة بروز الألياف في الجذوع المعضلة روحا عاملة لا تستقر من التفكير على هدف واحد.
وقد يكون استغرابه في التفكير لأرب في النفس ما برح يقتفر لأجله سنة العمل المقرون إلى الإخلاص والتضحية، وقد أنجز بعضه وأوفى على البعض الآخر، ولن يحجره السعي عن إتمامه ولو أداه الطواف الناهك إلى دلج الليل، فهذا الرجل - وقد ترسمه بعث من الناس ما يزال يختم عليه القلوب والضمائر - يؤدي لبلاده وهو ناء عن كراسيها ما لا يؤديه نواب الأمة ذادة الشعب ... وعندي، وعند كل من يسبر أغوار النفوس الصادقة ويأخذ من خلقه لا من طموحه؛ أن نائب الأمة وبوقها الجميل إنما هو العامل في حقلها وشعابها، لا الراقد في مضاجعها وأخاديرها.
جاء في سفر الأمثال: «فإنهم لا ينامون إذا لم يسيئوا، ويسلبون النوم إذا لم يسقطوا. لقد أكلوا خبز النفاق وشربوا خمر المظالم.»
إنه ليضحكك ويبكيك أن ترى رجلا ك «البريدي» في ظاهر مجلس الشعب ... ولكن هناك سياسات مطروفة العين لا تبصر أحرى بالصادقين من الرجال أن يجعلوها دبر آذانهم ويستمروا في سبلهم غير آبهين. •••
لزم الكرسي ثماني عشرة سنة في مجلس إدارة لبنان، لا يعطي عينيه وسنا ولا أجفانه نوما، وكان شأنه في ذلك العهد شأن أبرز رجل في هذا، وليس أدل على إخلاصه وإبائه وعلو نفسه وشممه من إجماع النفوس على حبه على تباين أغراضها ومشاربها. فشخصية «البريدي» ما تزال تتمتع باحترام أصدقائها وخصومها معا.
Page inconnue