أشهل المقلتين، بعيد ما بين العنق والترائب، ذو جبين عريض كأنه قطعة من صدره ينحدر منه أنف مستقيم كأنه صبابة من الثلج تجمدت في سفح جبل أجرد، أو نعجة تردت من قمة الجبل إلى منحدر من منحدراته فوقفت هناك تجيل طرفا حائرا في المهوى السحيق.
عذب الفم والمبسم على تصلب القسمات في أديم وجهه.
ترى عليه ظلين من اللين والشدة، فلا تستبين موضع الأول ولا الأخرى، ولا تعلم فيم مذهبهما وأين يقعان؛ إذ لا تنحط على هذه حتى ترتفع إلى ذاك، كأن بين لينه وشدته خصاما قديما يظل بين مد وجزر، وكأن بين عنصري شدته ولينه نسبا وقربى، فلا شك أن شدته تتحدر من سلالة تصلبه ، ولينه من سلالة الجمال فيه، وقد يكون عنصرا شاعريته يمتان إلى هذين العنصرين بسبب؛ فلقد تقاسم شاعريته جمال وقبح، فتدلى هذا وعلا ذاك إلى أقصى مراتبه وأنبل مستوياته.
قال - ويا ليته لم يقل:
قد حلت شرعة الحياة لقوم
وأمرت لسائر الأقوام
وقال - لا فض فوه:
ولدي! يا ما أحيلاه ولد
ناعم الخدين
قمري الوجه عطري الجسد
Page inconnue