Rum
الروم: في سياستهم، وحضارتهم، ودينهم، وثقافتهم، وصلاتهم بالعرب
Genres
ثم تليت الرسائل التي كان قد وجهها إلى نسطوريوس كل من كيرلس بطريرك الإسكندرية وكليستينوس بابا رومة، كما تلي قرار مجمع رومة فصدقها المجمع، وبعد خمسة أيام وصل بطريرك أنطاكية ومعه اثنان وثلاثون أسقفا، فأنبأه المجمع بقطع نسطوريوس، فتكدر واعتبر عمل المجمع تسرعا ونسب إلى كيرلس الاستبداد، ثم عقد مجمعا مؤلفا من نحو أربعين أسقفا وحكم فيه بالقطع على كيرلس وعلى سائر الأساقفة الذين قبلوا قرار المجمع بلا فحص ولا روية.
ثم حضر نواب بابا رومة الأسقفان أركاذيوس وبروياكتوس والقس فيلبس، فاجتمع مجمع كيرلس مرة ثانية وتليت فيه رسائل البابا وأمضى فيها نوابه الأعمال السابقة، ودعي بطريرك أنطاكية إلى الاجتماع، فلم يحضر، فحكم المجمع بالقطع عليه وعلى ثلاثة وثلاثين أسقفا معه، فتحرك الإمبراطور لما رأى من هذه البلبلة فطلب وفدا عن كل فئة، فلما حضر الوفدان وسمع دعوى كل منهما؛ أمر بإعادة كل من كيرلس وأسقف إفسس إلى منصبه، ونصب على كرسي القسطنطينية أحد أعضاء وفد كيرلس واسمه مكسيميانوس، وأمر برجوع الأساقفة إلى أوطانهم.
وثبت المجمع الثالث دستور الإيمان الذي كان تثبيته قد سبق في المجمعين الأول والثاني، وحرر أسقفية قبرص من الخضوع لبطريرك أنطاكية، فأصبحت كنيسة مستقلة منذ ذلك الحين.
ثم دعا البطريرك مكسيميانوس كلا من بطريرك الإسكندرية وبطريرك أنطاكية إلى نيقوميذية وحدهما، فحضرا وتسالما بعد مدة، ونفي نسطوريوس إلى مصر فاغتاله أحد رهبانها في السنة 451.
المجمع المسكوني الرابع في خلقيدونية (451)
وكما تطرف نسطوريوس معارضا تعاليم أبوليناريوس فقال بكمال طبيعة الناسوت؛ أي بكمال طبيعة المسيح البشرية، فإن أوطيخة
Eutyches
أحد الآباء في القسطنطينية قال بكمال طبيعة اللاهوت معارضا مذهب آريوس، فعلم أن المسيح المخلص طبيعة واحدة، وأن جسده بمحض كونه جسد إله ليس مساويا لجسدنا في الجوهر؛ لأن الطبيعة البشرية اندثرت باتحادها مع الطبيعة الإلهية، فانبرى ثيودوروس أسقف قورش يحمل على أوطيخة، وانبرى ديوسقوروس بطريرك الإسكندرية يحمل على ثيودوروس ويهيج رهبان القسطنطينية، وكتب إلى ثيودوسيوس الثاني أن الكنيسة في الشرق قد أصبحت كلها نسطورية، فجمع فلابيانوس بطريرك القسطنطينية مجمعا محليا ودعا إليه أوطيخة فلم يمتثل، وكان يحركه الخصي خريسافيوس الذي كان قد حقد على البطريرك فلابيانوس؛ لأن خريسافيوس طلب منه مالا فأرسل البطريرك إليه آنية الكنيسة.
وعقد المجمع جلسة سابعة ودعا أوطيخة، فحضر هذه المرة ومعه خريسافيوس الخصي وبعض الرهبان وزمرة من الحرس الإمبراطوري، فسئل أوطيخة: هل تعترف بأن المسيح مساو للآب في جوهر اللاهوت ومساو لأمه في جوهر الناسوت؟ فأجاب: إن المسيح من طبيعتين قبل الاتحاد وإنه طبيعة واحدة بعد الاتحاد، فحكم المجمع المحلي عليه، وقطعه من كل رتبة كهنوتية ومن الشركة ومن رئاسة ديره، وكتب أوطيخة للبابا في رومة يتظلم، فكتب البابا لاوون الكبير إلى بطريرك القسطنطينية يستوضحه عما جرى، فأرسل فلابيانوس بطريرك القسطنطينية نص أعمال المجمع الذي حكم على أوطيخة، فعقد البابا مجمعا في رومة وفحص الأوراق التي أرسلها إليه فلابيانوس البطريرك فوافق عليها وأعلن ذلك للإمبراطور.
ثم كتب خريسافيوس الخصي إلى ديوسقوروس بطريرك الإسكندرية يستنهضه لمساعدة أوطيخة، فعقد ديوسقوروس مجمعا محليا وحل أوطيخة من القطع، وطلب إلى الإمبراطور عقد مجمع مسكوني، ففعل الإمبراطور والتأم مجمع مسكوني في إفسس في السنة 449 برئاسة ديوسقوروس بطريرك الإسكندرية، فتليت رسالة الإمبراطور، ثم طلب وفد رومة أن تتلى رسالة البابا إلى البطريرك فلابيانوس، فرفض ديوسقوروس، واشتد الجدل، ففر بعض الأساقفة - ومنهم نواب البابا - واستولى الرعب على الباقين فأمضوا على بياض؛ ولذا سمي هذا المجمع - فيما بعد: المجمع اللصوصي.
Page inconnue