Rum
الروم: في سياستهم، وحضارتهم، ودينهم، وثقافتهم، وصلاتهم بالعرب
Genres
ولاحق الإمبراطور فاليريانوس (253-260) الزعماء المسيحيين والكهنة، فأمر هؤلاء في السنة 257 أن يقدموا الذبيحة للآلهة الوثنية وحرم على المسيحيين الاجتماع في المقابر ومحلات العبادة، وأكد أنهم إن فعلوا أعدموا إعداما، فدهم القديس ترسيسيوس وجماعة من المؤمنين وهم يصلون في سرداب سلارية، فماتوا خنقا. واستشهد سيكستوس أسقف رومة وكبريانوس أسقف قرطاجة، واستشهد في فلسطين الإخوة الثلاثة، وفي قبدوقية الطفل كيريلوس، وفي الإسكندرية عدد كبير من المؤمنين.
وأعظم الاضطهادات وأفظعها ما جاء منها على يد ديوقليتيانوس الإمبراطور (284-305ب.م) ويصعب القول في حقيقة أسبابها، فلم يكن لهذا الإمبراطور شيء من شذوذ نيرون أو دوميتيانوس، ولا كان ظنونا ولا قاسيا ولا متدينا أو داعيا لدين جديد كأورليانوس. وقد انقضى على حكمه عشر سنوات قبل أن بدأ بالاضطهاد، وليس لدينا من النصوص ما نستطيع معه أن نتوسع في الاجتهاد مطمئنين، ولكن هنالك أمران لا بد من الإشارة إليها؛ أولهما: أن ديوقليتيانوس الإمبراطور أراد أن يعيد إلى الإمبراطورية وحدتها ومناعتها. والثاني: أنه كان يعاني الصعاب في وقف البرابرة عند الحدود، وفي كبت عدوه ملك ملوك الساسان، ولعله رأى في انتشار النصرانية عامل تفكك في الداخل، وخطرا على سلامة الدولة؛ وخصوصا لأن النصرانية كانت قد دخلت فارس وأن المانوية كانت تمت إليها بصلة قوية.
ولم يكن بإمكان ديوقليتيانوس أن يبيد جميع المسيحيين ويقطع دابرهم؛ لأنه لو فعل لجعل مناطق ومناطق في الشرق قفرا من السكان، فآثر - فيما يظهر - تدمير الكنيسة وإخفاء معالمها وتحقير المؤمنين والهبوط بهم إلى أسفل الطبقات. وهكذا، نراه في الرابع والعشرين من شباط سنة 303 يأمر بمنع الاجتماعات المسيحية، وبتخريب الكنائس، وحرق الكتب، وبنكران الدين المسيحي، موعدا الأشراف المسيحيين والوجوه والأعيان بالخلع والإذلال، مهددا الوضعاء بالعبودية المؤبدة.
ثم عاد في السنة نفسها فأمر بسجن الكهنة وبإعدامهم إن هم أبوا أن يشتركوا في الذبيحة الوثنية. وزاد فأمر بوجوب نكران الدين الجديد، فكانت مذابح ومذابح لم ينج منها إلا الأقاليم الغربية التي كانت آنئذ في عهدة قسطنس والد قسطنطين الكبير، ويقال إن الفضل في ذلك يعود إلى زوجته الأولى هيلانة التي كانت قد تقبلت النصرانية قبل زواجها منه.
ويقول القديس سيبيوس المعاصر: إن الرءوس بترت في العربية «البادية المتاخمة للشام»، وإن السيقان قطعت في قبدوقية، وإن المؤمنين علقوا على الأخشاب بين نهرين وأشعلت تحتهم النيران. ومما يقوله أيضا: إن عمال ديوقليتيانوس قطعوا الأنوف والآذان والألسن وغرزوا القصب تحت الأظافر ودقوا الحديد في البطون.
والثابت الراهن في عرف البشر أجمعين أن الاضطهاد يقوي النفوس ويشدد العزائم، فيثير في المؤمن صاحب العقيدة شعور التحدي، ويحمله على التفنن في أساليب الوقاية والدعاية، ويزوده بمثل عليا يفاخر بها ويسعى لتحقيقها، وليس أبلغ أثرا في تفتير الحماسة الدينية وتحويل الغيرة على الدين إلى تنازع على المراكز وإحداث الشقاق؛ من تكريس الدين سياسيا وجعله دينا رسميا.
النظام والتنظيم
وكان السيد - كما سبق أن أشرنا - قد انتقى الرسل الاثني عشر وألحق التلاميذ الاثنين والسبعين، وفي السنوات الأولى بعد وفاته تذمر اليونانيون اليهود المسيحيون من العبرانيين المسيحيين اليهود «أن أراملهم كن يغفل عنهن في الخدمة اليومية.» فدعا الرسل جمهور التلاميذ وقالوا: لا يرضي أن نترك نحن كلمة الله ونخدم موائد، فانتخبوا أنتم سبعة منكم مشهودا لهم فنقيمهم على هذه الحاجة، ففعلوا فصلى الرسل ووضعوا عليهم الأيادي، وهؤلاء هم الشمامسة،
15
ثم نقرأ في الفصل الحادي عشر والخامس عشر من أعمال الرسل عن كهنة يشرفون على الأعمال الخيرية ويجلسون مع الرسل للتشاور وحل بعض المشاكل،
Page inconnue