Rum
الروم: في سياستهم، وحضارتهم، ودينهم، وثقافتهم، وصلاتهم بالعرب
Genres
وكانت قد تسربت النصرانية إلى بلاد اليمن بعد انتشار اليهودية فيها، وكان آخر ملوك حمير ذو نواس يهوديا - فيما يظهر - واشتدت المنافسة بين النصارى العرب واليهود العرب، وانقلبت عداء مريرا، وكان ذو نواس يرى في النصرانية ما يذكره بالأحباش واحتلالهم، فأوقع بالنصارى في السنة 523 مذبحة نجران الشهيرة، ثم جمع من نجا منهم وخيرهم بين القتل واليهودية، فاختاروا القتل، فخد لهم أخدود
النار ذات الوقود ،
5
وجاء في الطبري
6
أن دوس ذا ثعلبان أفلت ولجأ إلى إمبراطور الروم يستنصره على ذي نواس، وأن يوستينوس قال له: «نأت بلادك عنا فلا نقدر أن نتناولها بالجنود، ولكني سأكتب إلى نجاشي الحبشة وهو أقرب ملوك النصرانية إلى بلادك.» ومما يروى أيضا أن النجاشي انتصر على ذي نواس مرتين متواليتين في السنة 523 وفي السنة 525، وهنا رب معترض يقول: كيف اضطهد يوستينوس أصحاب الطبيعة الواحدة في بلاده ثم تعاون مع النجاشي كالب الذي كان يقول هو أيضا بالطبيعة الواحدة؟ والجواب: أن صاحب القسطنطينية كان يعتبر نفسه حامي ذمار النصرانية في كل المسكونة.
وتحدث الأحباش طويلا بهذا التعاون بين يوستينوس وكالب وتناقلوا الخبر جيلا بعد جيل ودونوه في القرن الرابع عشر في تاريخهم القومي الكبير: «كبرى نجشت»، ومعناه فخر الملوك، فقالوا: إن أسرتهم المالكة تحدرت من سليمان وبلقيس وإن دولتهم أشرف من دولة الروم وإنه كان ليوستينوس ولكالب أن يلتقيا في أوروشليم؛ ليقتسما الأرض بأجمعها.
7
يوستنيانوس وثيودورة
وتحفظ لنا فسيفساء سان فيتالي في رابينة قسمات وجه يوستنيانوس كما رسمها رسام في السنة 547، ويقول معاصروه: إنه كان يميل إلى البساطة في العيش، والتودد في معاملة الناس، وأنه كان يواصل العمل ليل نهار حتى لقبه أحد رجال بلاطه ب «الإمبراطور الساهر»؛ إذ كان يحرص أن يعلم كل شيء ، وأن يدقق في كل شيء، وأن يقر كل شيء، والواقع أن يوستنيانوس كان شديد الإعجاب بمواهبه ومؤهلاته، لا يسمح لأحد من رجاله أن يعارضه في أمر، ولا يثق بأحد منهم، حتى ولا بقائده الأمين بليساريوس العظيم، وعلى الرغم من تظاهره بالعزم والحزم والثبات؛ فإنه كان في قرارة نفسه مترددا شديد التأثر بآراء الحاشية ولا سيما زوجته ثيودورة.
Page inconnue