L'Esprit des révolutions et la Révolution française
روح الثورات والثورة الفرنسية
Genres
ولم يكن الجمهوريون حزبا شديد الخطر لاتفاق مجلس النواب والملك على مناهضتهم، وقد صرح الوزير غيزو بأن الحكم يحتاج إلى أمرين: «العقل والمدفع»، ولا شك في أن شيئا من الوهم تطرق إلى هذا السياسي الشهير الذي نسب إلى العقل ما للمدفع من تأثير.
ولم يعدل الجمهوريون والاشتراكيون عن الحركة، فقد سعى أحد زعماء الاشتراكيين (لويس بلان) إلى حمل الحكومة على إيجاد أعمال لأبناء الوطن كلهم، وفي سنة 1848 حدثت أزمة إصلاح الانتخابات فنشأت عنها فتنة جديدة أوجبت سقوط لويس فيليب بغتة.
والعلل التي سوغت خلع لويس فيليب أقل أهمية من العلل التي نشأ عنها خلع شارل العاشر، فإذا قلت إن لويس فيليب كان سيئ الظن بالانتخاب العام قلنا لك إن حكومات الثورة الفرنسية أساءت الظن به مرات كثيرة، ونضيف إلى هذا قولنا إن حكومة لويس فيليب لم تكن مطلقة كحكومة الديركتوار وغيرها.
قامت في دائرة البلدية حكومة مؤقتة لتدير دفة الأمور، فأعلنت الجمهورية، وقررت الانتخاب العام، وأمرت بأن ينتخب الشعب جمعية وطنية مؤلفة من تسع مئة عضو، وقد صارت هذه الحكومة، منذ البداءة، هدفا للدعاية الاشتراكية ولفتن كثيرة، فوقعت أمور نفسية كالتي حدثت أيام الثورة الفرنسية الكبرى، أي قامت أندية جديدة، فكان زعماء هذه الأندية يسوقون الشعب إلى الجمعية الوطنية من وقت إلى آخر لأسباب يرفضها العقل الرشيد، كإكراه الحكومة على معاضدة عصيان اشتعل في بولونية.
وأنشأت تلك الجمعية مصانع وطنية؛ ليقوم فيها العمال بشتى الأعمال، وذلك إرضاء للاشتراكيين الذين كانوا يقترحون كل يوم اقتراحا جديدا، وكان يشتغل في هذه المصانع مئة ألف عامل، وكانت الحكومة تنفق عليهم مليون فرنك كل يوم، ولكن هؤلاء العمال لما طلبوا أن يعطوا رواتب من غير أن يأتوا عملا قررت تلك الجمعية إغلاق ما أسسته من المصانع.
ونشأ عن ذلك القرار عصيان هائل، فقد رفع خمسون ألف عامل راية العصيان، واستولى الفزع على الجمعية الوطنية، فعهدت في السلطة التنفيذية إلى الجنرال كاڤينياك، فقتل في المعركة التي وقعت بين الحكومة والعصاة ثلاثة قواد ومطران باريس، ثم أمرت تلك الجمعية بنفي ثلاثة آلاف سجين إلى بلاد الجزائر.
ولم يلبث الفلاحون، الذين ظنوا أن خطر الاشتراكية والطبقة الوسطى محدق بهم، أن انقلبوا على النظام الجمهوري، لكن لما وعدهم لويس ناپليون بإعادة النظام استقبلوه بحماسة، فرشح نفسه لرآسة الجمهورية، فانتخبه لها خمسة ملايين ونصف مليون ناخب.
ولسرعان ما وقع الخلاف بين الجمعية الوطنية ولويس ناپليون، ففض هذا الأخير تلك الجمعية وقبض على ثلاثين ألف رجل ونفى عشرة آلاف رجل وطرد من البلاد مئة نائب، وقد رضيت الأمة بذلك عندما استفتيت فيه، فاستحسنه سبعة ملايين ونصف مليون ناخب من ثمانية ملايين ناخب، وفي 2 من ديسمبر سنة 1852 نصب لويس ناپليون إمبراطورا، بأكثرية أكبر من تلك، والسبب في إعادة النظام الإمبراطوري: هو مقت الناس في فرنسة للمشاغبين والاشتراكيين.
وكان نظام الإمبراطورية استبداديا في العقد الأول فأصبح دستوريا في العقد الثاني، وخلعت ثورة 4 من سبتمبر سنة 1870 الإمبراطور لويس ناپليون على أثر تسليمه مدينة سيدان بعد أن ملك ثماني عشرة سنة.
وندر بعد هذا التاريخ وقوع فتن ثورية، وتعد أهم فتنة اشتعلت منذ ذلك الحين فتنة شهر مارس سنة 1871 التي احترق فيها قسم من مباني باريس الفخمة، والتي قتل فيها عشرون ألف عاص.
Page inconnue