288

L'esprit de l'explication dans l'interprétation du Coran

روح البيان في تفسير القرآن

Maison d'édition

دار الفكر

Lieu d'édition

بيروت

Genres

Tafsir
شهوة من الشهوات وفي الأعمال مجتنبا عن الرسوم والعادات كما قال النبي ﵇ (بعثت لرفع العادات وترك الشهوات) وقال (بعثت لاتمم مكارم الأخلاق) بان يجعل المشارب مشربا واحدا والمحابيب محبوبا واحدا والمذاهب مذهبا واحدا حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ يعنى ما ذكرنا من الوصية بجملتها حق واجب على متقى الشرك الخفي ولهذا قال على المتقين وما قال على المسلمين والمؤمنين لانهم اهل الظواهر والمتقون هم اهل البواطن كما قال ﵇ (التقوى هاهنا) وأشار الى صدره واعلم ان القرآن انزل لاهل البواطن كما انزل لاهل الظواهر لقوله ﵇ (ان للقرآن ظهرا وبطنا) فظاهره الاحكام لاهل الظواهر والاحكام تحتمل النسخ كما نسخت هذه الآية في الوصية الظاهرة وباطنه الحكم والحقائق فهى لا تحتمل النسخ ابدا ولهذا قال اهل المعاني ليس شىء من القرآن منسوخا يعنى وان كان دخل النسخ في احكام ظاهره فلا يدخل في احكام باطنه فيكون ابدا معمولا بالمواعظ والاسرار والحقائق حقا على المتقين لانه مخصوص بهداية المتقين كقوله تعالى هُدىً لِلْمُتَّقِينَ فحكم الوصية في حقهم غير منسوخ ابدا كذا في التأويلات النجمية قدس الله نفسه الزكية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قال اصحاب اللسان يا حرف نداء وهو نداء من الحبيب للحبيب وايها تنبيه من الحبيب للحبيب وآمنوا شهادة من الحبيب للحبيب وقال الحسن إذا سمعت الله يقول يا ايها الذين آمنوا فارفع لها سمعك فانه لامر تؤمر به او لنهى تنهى عنه وقال جعفر الصادق لذة في النداء أزال بها تعب العبادة والعناء يشير الى ان المحب يبادر الى امتثال امر محبوبه حتى لوامره بإلقاء نفسه في النار كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ اى فرض عليكم صيام شهر رمضان فانه تعالى قال بعده أَيَّامًا مَعْدُوداتٍ وقال تعالى فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ بعد قوله شَهْرُ رَمَضانَ والصيام في الشريعة هو الإمساك نهارا مع النية من اهله عن المفطرات المعهودة التي هي معظم ما تشتهية الأنفس وهذا صوم عوام المؤمنين واما صوم الخواص فالامساك عن المنهيات واما صوم أخص الخواص فالامساك عما سوى الله تعالى كَما كُتِبَ محل كما النصب على انه صفة مصدر محذوف اى كتب كتابا كائنا مثل ما كتب وما مصدرية او على انه حال من الصيام وما موصولة اى كتب عليكم الصيام مشبها بالذي كتب عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ من الأنبياء ﵈ والأمم من لدن آد ﵇ وفيه تأكيد للحكم وترغيب فيه وتطبيب لانفس المخاطبين فان الصوم عبادة شاقة والشيء الشاق إذا عم سهل تحمله ويرغب كل أحد في إتيانه والظاهر ان التشبيه عائد الى اصل إيجاب الصوم لا الى كمية الصوم المكتوب وبيان وقته فكان الصوم على آدم ايام البيض وصوم عاشورا كان على قوم موسى والتشبيه لا يقتضى التسوية من كل وجهه كما يقال في الدعاء اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم وكما قال ﵇ (انكم سترون ربكم كالقمر ليلة البدر) فان هذا تشبيه الرؤية بالرؤية لا تشبيه المرئي بالمرئي لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ المعاصي فان الصوم يكسر الشهوة التي هي مبدأها كما قال ﵇ (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فانه اغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فان الصوم له وجاء) قوله الشباب جمع شاب وهو عند أصحابنا من بلغ ولم يحاوز ثلاثين كذا قاله النووي والباءة

1 / 289