فارتاعت مدام كرمارك وقالت: عجبا! كيف أن هرمين تحب مثل هذا السافل؟
فأجابتها تريزا: إنها تحبه حبا ليس فوقه حب. - يجب نزع هذا الحب من قلبها، فهو يشينها، ويجب أن تحب السير فيليام من غير بد، فهو من نبلاء القوم، شريف الحسب، وافر الأدب، واسع الثروة، حسن السمعة، ولا أجد لها عذرا في رفض حبه، فيجب أن نتفق جميعا على إقناعها إذا لازمت الإصرار على هذا الغي، وسأشرع بتمهيد هذا السبيل منذ الآن؛ إذ ينبغي قبل كل شيء أن يحصل التعارف بينهما. ثم دعت بخادمها وقالت له: أعطني أدوات الكتابة. فأتاها بها، فكتبت إلى البارون ما يأتي:
يا ابن أختي العزيز
إنه قد زارني منذ خمسة أيام نسيبي بيرابو مع امرأته وابنته التي لها ولع بالصيد وشغف بركوب الخيل، وأنا أعلم أن عندك السير فيليام، فإذا رأيت أن تحضره معك في الغد فنذهب سوية إلى الصيد، وأكون لك من الشاكرين.
وأعطت الكتاب إلى خادمها وقالت له: سر إلى ابن أختي، وارجع إلي حالا بالجواب. •••
بينما كان السير فيليام مجدا في الاستيلاء على قلب هرمين، كان أرمان يبحث مع ليون وبستيان عن حنة وسريز، وقد فرق رجاله الخفيين في جميع أنحاء باريس، فلم يقفوا لهما على أثر. وكان أرمان شديد الحزن لبعد حنة، وكان يبكي لفرقها البكاء المر، وفي اليوم الرابع من اختطافها كان جالسا في منزله وهو مشتت البال ضائع الرشد، فدخل عليه ليون رولاند الذي أصابه من فقد سريز نفس ما أصاب أرمان، وقال له: يظهر يا سيدي الكونت أن الشقاء قد أحاط بجميع معارفي، وإن لي صديقا طاهر الأخلاق أحبه كأخ وقد رزئ بمصاب. - من هو هذا الصديق؟ وما أصابه؟
فأعطاه ليون رسالة مفتوحة، وقال له: اقرأ يا سيدي الكونت.
فقرأ أرمان ما يأتي:
صديقي العزيز ليون
إنك الرجل الوحيد الذي أقدر أن أكتب إليه، وأسأله مساعدة وعزاء، فإني كنت يوم آخر عهدي بلقاك من أسعد البشر؛ لقرب اقتراني بمن أحب، وكنت محترما في عيون الناس، أما اليوم أيها الصديق فإني مطرود من خدمتي، متهم بالاختلاس، منطرح في أعماق السجن، ولا أعلم أين يقذفون بي بعد الحكم علي. فتعال أيها الصديق لأراك المرة الأخيرة، فإن الشقاء سيقتلني، وأظنني أموت قبل صدور الحكم، محبك.
Page inconnue