فجثا بيرابو على ركبتيه وقال: رحماك إن كلمة منك تزجني إلى أعماق السجون.
وكان هذا الشيخ وقحا مع الأدنى متذللا للأعلى، قويا مع الضعيف جبانا مع القادر، فجعل يتوسل إلى أندريا وهو يبكي بكاء الأطفال، فأنهضه أندريا وقال: كفاك الآن توسلا، واجلس أمامي لنتحدث.
فقال بيرابو وقد استحالت ملامحه من اليأس إلى الأمل: أتعفو عني؟ - كلا، ولكني سأجتهد أن أتفق معك، وإن لم أكن قاضيا قادرا على سجنك، ولكن لي الآن سلطان عليك وعلى حريتك وشرفك ومنصبك، وسأرى إذا كنت أستطيع أن أحصل على مطلوبي بهذا السلطان.
فظن بيرابو أن أندريا طامع بالمال فقال له: أتريد مالا؟ نعم، إني لست بغني، ولكن قل كم تريد؟
فهز أندريا كتفيه مبتسما وقال: إني أريد أكثر مما تظن. - إذن أنت تريد خرابي؟ - ليهدأ روعك فلست بحاجة إلى مالك، وأصغ إلي.
فتنهد تنهد الراحة، ونظر إلى أندريا نظرة إجلال، فقال أندريا: إن لك ابنة وقد رقصت معها ليلة أمس. - نعم. - وقد عقدت خطبتها إلى فرناند روشي. - هذا أكيد. - إنك أخطأت في ذلك، فإن ابنتك قد أعجبتني، ويسرني أن تكون زوجة لي، والآن أصغ إلي. إن هرمين ليست بابنتك الشرعية، أليس هذا أكيدا؟ - نعم. - إنها ابنة رجل لا يعلم اسمه سواي، وقد مات تاركا 12 مليونا، ولا يعلم سواي أيضا بوصيته، وقد أوصى بها أن يبحث عن تلك المرأة، فإذا كان لها ولد منه تعطى له جميع هذه الملايين، أفهمت الآن؟
فأدرك بيرابو جلية الأمر، وجعلا ينظران إلى بعضهما كلصين دهم أحدهما الآخر، ثم اضطرا إلى الاتفاق بعد أن كان كل منهما يريد قتل الآخر.
فقال أندريا: إنني إذا تزوجت بابنتك فستكون هذه الملايين لها، وسيكون لك منها نصيب، وإذا أبيت فإني أكتم اسم أبيها فتخسر هذه الثروة الواسعة.
فقال بيرابو وقد هاجت به أطماعه: ستتزوجها من غير بد. - إذن أصغ إلي الآن، إنك رجل أهل لكل جريمة، كثير الشهوات ولكنك ضعيف العقل، فلا تستطيع أن تخوض في مضمار المآثم بغير مرشد، أما أنا فسأكون ذلك القائد، وستكون آلة بيدي أديرها كيف أشاء. - قبلت، وسأكون لك أطوع من العبيد.
ثم اختليا، ولم يعلم أحد ما دار بينهما، غير أنه لما خرج بيرابو كان قد وقع على شروط تقرر في بعضها موت فرناند. (16) أمين الصندوق
Page inconnue