187

Rocambole

الإرث الخفي: روكامبول (الجزء الأول)

Genres

ثم غيرت الحديث فجأة كأنما خطر لها خاطر فقالت: انظري إلي جيدا يا سيدتي، ألا أشبه بملابسي النوريات؟ - هو ذاك. - ألا يحسبني الناظر إلي من اللواتي يقرأن الطوالع ويكشفن غوامض المستقبل؟ - إنك منهن وهذه المهنة مهنتك. - إني ذاهبة، ورجائي ألا تسترسلي إلى الأوهام وأن تنامي نوما هادئا. - إني واثقة بقريحتك الجهنمية، فاذهبي واعلمي أني أنتظر عودتك بفارغ الصبر.

ثم ودعتها وانصرفت وركبت المركبة، ودفعت جوادها فسار بها وحدها في ظلام الليل إلى الغابة. •••

بينما كانت تنوان تجتاز الغابة غير هيابة، وقد أوشكت أن تبلغ نهايتها كان جرس الدير بدأ يدق داعيا إلى صلاة الفجر.

وكان داغوبير قد صحا من نومه، فنزل من منزله إلى دكانه وكان يمشي بحذر خوفا من أن تصحو حنة.

وقد كان منزل داغوبير يتألف من غرفة واحدة كبيرة، فلما جاءته حنة شطر الغرفة شطرين وجعلها غرفتين، وأقام كل منهما في غرفة.

وكان داغوبير قبل أن تجيء حنة إلى منزله يبدأ عمله قبل الفجر غير مكترث للرهبان، وبات بعد مجيئها يشفق على راحتها إشفاقا شديدا، فلا تسمع لمطرقته صوتا قبل أن تطلع الشمس، فكان يشتغل قبل شروقها أشغالا لا دوي لها.

وفي ذاك اليوم نزل داغوبير في الساعة الخامسة من صباحه وأوقد النار، ولكنه لم يعمل عملا، بل كان مفكرا مهموما، وقد كان هذا دأبه منذ ثلاثة أيام فلم يلف إلا على هذه الحالة.

وفيما هو على ذلك، سمع دوي مركبة، ثم سمع أن المركبة وقفت عند باب دكانه، وأن هذا الباب قد قرع، ففتحه ووجد أمامه تنوان.

فدخلت تنوان إلى الدكان وقالت له: إن نعل الجواد قد سقط، وقد أتيتك لتصنع لي سواه.

ثم اقتربت من النار تتدفأ ونظرت إلى داغوبير نظرات كهربته وقالت له: أراك قد استأت لحضوري، بل أراك مترددا في صنع النعل، فهل ذاك لأني فقيرة أكسب رزقي من استطلاع البخت. - لست ممن يحتقرون الفقراء؛ لأني منهم، ولكنني منذهل لملابسك، هل أنت من النور؟ - إن ملابسي قد دلتك خير دلالة على أصلي. - أتتجولين وحدك في هذه المركبة؟ - لقد كان لي زوج قضي عليه فبت وحيدة كما تراني. - إلى أين أنت ذاهبة؟ - إلى بيبتهافر. - لعلك مضطرة إلى الإسراع بالوصول إليها؟ - لماذا تسألني هذا السؤال؟ - لأني لا أستطيع أن أصنع النعل قبل شروق الشمس. - لا بأس فسأنتظر.

Page inconnue