184

Rocambole

الإرث الخفي: روكامبول (الجزء الأول)

Genres

قالت: بورك فيك يا شفالييه، وأنا سأكون لك عونا في انتزاع هذه الوساوس من صدره فينجو من هذا الخطر المحدق به بإذن الله. - وعسى أن يحقق الله رجاءنا ويرجع لوسيان إلى هداه. - إني واثقة من صداقتك وأنك ستلزمه لزوم الظل، والآن فإنك ذكرت لي أن حياة الأب جيروم تكتنفها الأسرار، فهل لك أن تذكر لي ما تعلمه من الإشاعات عنه؟ - حبا وكرامة يا سيدتي.

فاتكأت الكونتس على كرسيها وجعلت تسمع بملء الإصغاء حكاية الأب جيروم.

15

وقد قص لها جميع ما عرفه القراء من الإشاعات عن الأب جيروم، وزاد على ذلك هذه الحكاية وهي أن الأب جيروم قبل دخوله إلى الدير قدم مع خادم له، فأقام في فندق يومه، وفي المساء ذهب إلى الدير، فعاد الخادم إلى ذلك الفندق وحده في اليوم التالي وهو يبكي بكاء شديدا، فلم يعلم أحد منه شيئا عن مولاه سوى أنه لم يدخل إلى الدير إلا لنكبة غرام.

فقاطعته الكونتس وقالت: ألم تعرف اسمه الحقيقي؟ - لم يعرف منه سوى أن صاحبة الفندق روت أنها سمعت خادمه يناديه بعض الأحيان باسم أموري.

فدهشت الكونتس دهشا عظيما وقالت: أموري؟ - نعم يا سيدتي، لعلك تعرفين هذا الاسم؟

فثابت الكونتس من دهشتها وابتسمت قائلة: إن بيت أموري بيت قديم، وأذكر أني عرفت رجلا من هذه الأسرة كان حارسا في بلاط الملك السابق. - ألا يمكن أن يكون الأب جيروم؟ - كلا، فإن ذلك الحارس لم يكن على شيء من مبادئ الزهد والنسك، وقد سررتني أيها الشفالييه بما رويته لي من هذه الأقاصيص لا سيما في ما تعلق بغرام ولدي لوسيان، ولكني أعترف لك أنك لو لم تعهد لي بمراقبة لوسيان لكان خوفي عليه عظيما، فإنه كثير الإقدام لا يحفل بالتقاليد ولا يكترث بالأنساب، فهو في ذلك على مذهب فلاسفة اليوم. - كوني مطمئنة يا سيدتي فلا خوف عليه من مغبة هذا العار وأنا ساهر عليه. - أتتعهد لي بمراقبته الليل والنهار؟ - بل أقسم لك. - وإني أريد منك عهدا آخر وهو ألا تخبر لوسيان بما جرى بيني وبينك، وأرى أنه يجب أن توافيه إلى البستان أو الحديقة؛ إذ لا بد أنه يتنزه الآن فيهما ويناجي نفسه بأماني الغرام، فلا تولد في نفسه الشك. - لقد أصبت يا سيدتي وها أنا ذاهب إليه.

ثم قبل يدها وانصرف للاجتماع بلوسيان، فلم يخرج من الغرفة حتى نادت الكونتس وصيفتها النورية فقالت لها: أظن أنك غير مخطئة يا تنوان. - بماذا؟ - باعتقادك أن ابنة الكونت دي مازير لم تمت. - إني واثقة كل الوثوق. - ولكن أتعلمين أين هي؟ - كلا. - إذن فاعلمي أنها تقيم على مسافة مرحلتين من هنا في محل رجل حداد عند باب الدير، وهي الفتاة نفسها التي يعشقها لوسيان، ثم أتعلمين من هو رئيس الدير؟ - هو الأب جيروم. - هو ذاك، ولكنه كان يدعى قبل الدخول إلى الدير أموري. - إني لا أعرف هذا الرجل. - لقد نسيت أن أخبرك بهذه الحوادث القديمة، ولكن إذا كان هو نفس أموري الذي عرفته من قبل فهو صديق راوول الحميم، وقد أحبها. - أحب من؟ - أحبها هي.

فقطبت النورية حاجبيها، ورجعت الكونتس إلى الحديث فقالت: ولكن إذا كانت ربيبة الدير ابنة الكونت دي مازير كما تبين لي، فلا شك أن الأب جيروم هو نفس أموري الذي عرفته. - وماذا تستنتجين من ذلك؟ - أستنتج أن صندوق الأوراق المالية موجود لدى الأب جيروم. - هذا لا ريب فيه.

فاتقدت عين الكونتس وأجابت: لا بد لي من الاستيلاء على هذا المال.

Page inconnue