وكان الشفالييه كثير المكر شديد التفنن باختراع الحيل وتلفيق الأحاديث، فأطرق هنيهة ثم قال له: ألم تجد أن هذه الفتاة الحسناء التي تحسبها قروية مترفة الكف ناعمة البنان صغيرة القدمين. - ماذا تريد بهذا؟ - أريد أن هذه النعومة لا توجد عادة في النساء القرويات؛ ولذلك فقد تبادر إلى ذهني أن هذه الفتاة قد تكون من أسرة نبيلة.
فصاح لوسيان صيحة فرح وقال: حبذا لو صح ما تقول، فلا أجد بينكم معارضا لي في زواجها. - ولكني أرى أن الرهبان قد استولوا على ثروتها.
فتحمس لوسيان وقال: إذا ثبت ذلك بسطت حمايتي عليها وطالبت الدير بثروتها. - ولكنك لا تستطيع ذلك إلا إذا كنت زوجها. - وما يمنعني أن أكون زوجا لها؟ - الأب جيروم، فإنه يؤثر أن يزوجها فلاحا لا يجسر على المطالبة بحقها فتبقى الثروة لأولئك الرهبان. - ولكني أحب حنة ولا أجد بدا من الاقتران بها. - إن هذا محال إذا نهجت النهج الذي رسمته لنفسك. - إذن ماذا يجب أن أصنع؟ - دعني أسألك في البدء ماذا كتبت للأب جيروم؟ - سألته أن يأذن لي بمقابلته. - إنه سيرفض طلبك. - أتظنه يفعل؟ - بل أؤكد، فاصبر إلى الغد، فإذا كان جوابه الرفض كما أتوقع، فأنا أرشدك إلى طريقة تسهل لك سبيل الزواج بمن تحب.
فمد لوسيان يده إلى هذا الصديق الكاذب وشكره شكر الممتن لفضله.
فقال الشفالييه وقد تكلف لهجة الإخلاص: كفى أيها الصديق، فقد وصلنا إلى القصر.
وكان دليل الصيد قد تقدمهم إلى المنزل، فروى جميع ما حدث في الغابة وما كان من اختصام لوسيان مع ابنة عمه، وتنوقلت هذه الحادثة بين أهل القصر حتى بلغ خبرها إلى أم لوسيان، غير أن الكونتس لم تحفل بهذا الخصام لاعتقادها أنه حادثة عارضة وأن الصلح بين الخطيبين سهل ميسور.
فلما دخل لوسيان والشفالييه استقبلتهما الكونتس حسب العادة، فأقام لوسيان بينهما مدة وجيزة بعد العشاء ثم اعتذر ودخل مضجعه، وهو يود لو محق الليل وأشرق الصباح فيعلم ما يكون من جواب رئيس الدير.
ولم يكد يشرق الصباح حتى هب لوسيان من رقاده وأقام ينتظر الأحدب بفارغ الصبر، فلم يطل انتظاره حتى أقبل الأحدب يحمل رسالة من الأب جيروم، فأخذها لوسيان بيد تضطرب وقرأ ما يأتي:
سيدي الكونت
إني مريض لا تسمح لي العلة بمقابلة أحد، وفوق ذلك فليس بيني وبينك من المهام ما يدعو إلى المقابلات الخاصة، إلا إذا كنت تريد مقابلتي في شأن يتعلق بصالح الدير، فإذا كان ذاك فأرجو أن تقابل وكيلي فإنه ينوب عني في قضاء هذه المهام.
Page inconnue