فأجابها الفلاح قائلا: إنني لم أجترئ عليك يا سيدتي، وشهد الله أني حين ضربت الأيل لم أكن أعرف أصحاب الكلاب التي كانت تطارده، ولكني أسفت على هذا الزرع من دوس الأرجل؛ فإني أعيش منه مع أولادي.
فقال له دليل الصيد وقد تشجع لقدوم الجماعة: لقد كذبت أيها الشقي.
ثم هجم عليه يريد ضربه، فأوقفته الفتاة وقالت للغلام: أتعلم من أنا؟ - نعم، أعلم أنك مدموازيل أورور دي مازير. - ألديك شك بعد هذا العرفان أني قادرة على سجنك؟ - إذا خطر لك هذا الخاطر فليس من يمنعك عن سجني، ولكن عملك يزيد نقطة على كأس الشقاء التي أوشكت أن تطفح.
فغضبت الفتاة والتفتت إلى رفاقها فقالت: أسمعتم ما يقول هذا الفلاح الفيلسوف، إنه يجسر على المجادلة وإبداء الأفكار.
فقال لها أحد الفرسان: ألا ترين أنه يستحق العقاب الأليم؟
وقال آخر: إني يا سيدتي لو كنا في غير هذا الزمن لرجوتك أن تصفحي عن هذا الرجل، ولكننا أصبحنا في زمن تجاسر فيه الشعب على أن يرفع رأسه المنخفض ولا يرهبنا في كل حين؛ ولذلك أرى أنه يجب أن يؤدب هذا الغلام خير تأديب يكون به عبرة لسواه من المتمردين.
فنظرت إليه الفتاة قائلة: أهو رأيك؟ - نعم يا سيدتي.
وعند ذلك التفت إلى دليل الصيد فقال له: جرد هذا الفلاح من ملابسه واجلده في البدء عشرين جلدة، ثم اربطه بذيل فرسك واركض به إلى الدير وادفعه إلى السجان بأمرنا.
أما الفلاح فإنه لم يجد متسعا من الوقت للدفاع أو للفرار أو التماس العفو؛ لأن السماء أرسلت إليه مدافعا لم يكن يخطر له في بال.
وكان هذا المدافع لوسيان ابن عم أورور، الذي كان يناديه الأحدب «سيدي الكونت».
Page inconnue