فصاحت الفتاة مستغيثة: ليون ... ليون ...
فأجابها الشيخ: لقد ضحكوا عليك؛ فإن ليون لا يأتي، وأنا الذي أتيت مكانه، وها نحن الآن وحدنا والباب مقفل، فلا أمل لك بالنجاة مني.
فعادت الفتاة تصيح مستغيثة وتهرب من وجهه وهو يتبعها حتى تعبت، واستولى على جسمها خدر شديد، فخانتها قواها، وأظلم النور في عينيها، وقد أثر فيها الشراب الذي سقاها إياه أندريا تأثيره المطلوب، فسقطت على الأرض لا قوة بها ولا حراك، فهجم عليها الشيخ كما يهجم النمر على فريسته الساقطة، وإذ بصوت أوقفه مكانه، والتفت فرأى رجلين لدى الباب، ثم رأى أحدهما قد هجم عليه وضربه، وألقاه على الأرض، ووضع ركبته على صدره، وقال: ويل لك أيها الشيخ الأحمق، لقد أتيتك في أواني.
وكان ذلك الفتى ليون رولاند، والذي معه أرمان دي كركاز، وفتحت سريز عينيها وقالت: أنقذني فقد كدت أموت.
ثم أدارت عينيها في الغرفة وأبصرت أرمان وقالت له والشرب يحبس لسانها: حنة ... في البيت ... أسرع أنقذها.
وكان السبب في قدومهما أنهما بينما كانا عائدين إلى باريس كان أندريا قد وصل إلى مجلس الفتاتين، وصرف من فيه من الخدم وخاطب روكامبول: قد انتهت حراستك، فاذهب الآن وأنا ذاهب في رحلة، وسأدعوك متى احتجت إليك.
تم وعده بمكافأة حسنة، ولكنه لم يدفع له شيئا، ورأى الغلام لوائح الكدر على وجهه، فعلم بفراسته أنه لم ينجح في مسعاه، وأن آماله قد خابت أو كادت تخيب، فانطلق عائدا إلى باريس، وفيما هو في وسط الطريق قابله أرمان وليون وهما عائدان إلى باريس كما أسلفنا، فعرفاه في الحال أنه الغلام الذي خدعهما ورمى رفيقهما في النهر، فانقض عليه ليون، واحتمله بين يديه إلى غابة هناك، وجرد خنجره على صدره، وتهدده بالموت إذا صاح، والتفت إلى أرمان وسأله: ماذا تصنع به الآن؟ - نستنطقه عن محل الفتاتين.
ثم وضع الخنجر على صدره وقال له: تكلم أو تقتل.
وكان الغلام قد قدر في فكره أن أندريا قد أحبط مسعاه، وأن لا أمل بنيل مكافأة منه، وأن الكونت أغنى منه وأصدق في وعده، فرأى أن يبوح بالأمر، بعد أن يستوثق من نيل المكافأة اللازمة عليه، فأجابه: ماذا تريد مني؟
فسأله الكونت: أن تخبرنا أين حنة وسريز؟ - لا أدري إلا إذا أعطيتماني ما أريد. - وما تريد؟ - ألف دينار. - هي لك فتكلم.
Page inconnue