فأخذته تريزا، ولم تكد تراه حتى اختلج فؤادها، وعادت إليها ذكرى تلك الليلة الهائلة، فتورد خداها بحمرة الخجل، وأرخت نظرها إلى الأرض، وقالت: نعم.
فقال لها أرمان بصوت منخفض: إن هذا الرجل قد تاب عن ذنبه، وقد عاقبه الله عقابا شديدا، وكلفني بعده أن أسأل له منك الصفح.
ثم عاد يخاطب بيرابو بصوت مرتفع، فقال: يجب يا سيدي أن تغير شروط الزواج، فإن السيدة هرمين ليست بابنتك، بل هي ابنة البارون كرماروت وهي صاحبة الملايين.
فصاح بيرابو صيحة منكرة، ونظر إلى أندريا فرآه مضطرب كمن صعق أو كمن به جنة. أما هرمين وأمها، فكانتا ترتجفان كورق الخريف يحركه الهواء.
ودنا أرمان من أندريا وحدق نظره وقال: إني لو تأخرت ساعة لكنت زوج هرمين وفزت بالملايين.
فشمخ أندريا بأنفه وأجاب: لا علم لي بهذه الملايين، وسيان عندي إن كانت عروسي غنية أو فقيرة، فإن لدي من المال ما يكفيني ويكفيها. - وأنا أعلم عكس ذلك؛ فإنك كنت زعيم لصوص في لندرا، وقد هربت منها إلى باريس، فصبغت شعرك وانتحلت اسما غريبا، ثم علمت من كولار بوصية البارون، وأن هرمين هي وريثته، فنصبت المكايد السافلة للاقتران بها، ولكني وقفت على جميع كيدك، ورددته إلى نحرك.
ثم نظر إليه نظرة احتقار، وذهب إلى الباب ونادى: فرناند فرناند ...
فارتعش أندريا وأمسكت هرمين بيد أمها حذرا من أن تقع، ودخل فرناند ونظر إلى بيرابو نظرة منكرة، ودخلت في إثره باكارا وهي بملابس الراهبات فركعت أمام هرمين، فقال فرناند: لسنا الآن أمام المحاكم ولا بحضرة القضاء، بل نحن بحضرة عائلة أنت رئيسها لسوء بختها وهي لا تخونك، وأنا أسألك الآن أن توضح لها كيف كانت سرقة المحفظة، وأن تعترف بأني لم أسرق المال.
ودنت باكارا وقالت: إني يا سيدي كنت امرأة خاطئة، وأنا أجتهد الآن بالتكفير عن ذنوبي التي ارتكبتها عندما كنت أدعى باكارا.
ثم قصت على الجميع سابق حبها لفرناند، وتلك الرسالة التي كتبتها بإملاء السير فيليام وبالاتفاق مع بيرابو.
Page inconnue