بسخط الخاصة والعامة، ولو طالت به الحياة، ووجد فرصة للدعوة والبقاء في الهند، فربما أخذ الأمر بالتدريج، ومشى الهوينا، ولكنه كان مضطرًا إلى مغادرة الهند، وكأن حادي الشوق يحدو به إلى الجهاد، والشهادة في سبيل اللَّه، فألف هذا الكتاب إتمامًا للحجة، وبراءة للذمة، وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون.
وليس الأمر مقصورًا على الهند التي بعدت عن مهد الإسلام ومهبط الوحي، ودخلها الإسلام عن طريق بلاد العجم، وقد فقد الشيء الكثير من قوته وجدته، بل تبلبلت العقيدة الإسلامية، واختلطت بشيء كثير من البدع والضلالات في العواصم الإسلامية وبلاد العرب، في القرن السابع والثامن الهجريين، بتأثير الشعوب غير العربية التي دخلت في الإسلام جديدة، وحملت معها رواسب كثيرة من دياناتها وعاداتها، واختلاط المسلمين مع غير المسلمين والعجم، ونفوذ الحكومة الباطنية والإِسماعيلية في مصر والشام وتأثيرهما، وانتشار تعليمات بعض المتصوفين الجهلة، ومن قرأ كتابي شيخ الإسلام ابن تيمية " الرد على البكري "، و" الرد على الأخنائي " عرف الشيء الكثير من غلو الجهال في الأئمة والمشايخ والأولياء والصالحين، واعتقاداتهم الفاسدة، وعاداتهم الجاهلية، ولا يزال لهذا الغلو والتعظيم بغير ما أمر اللَّه به، وشرع ما لم يأذن به اللَّه، آثار باقية في بلاد المسلمين والعرب، تستوجب دعوة قوية صريحة، وحكمة بليغة، لذلك ليست فائدة هذا الكتاب محدودة في الهند، بل تعم جميع الأوساط التي استطاع الشيطان أن يتسرب إليها، وانتشر فيها من
العقائد والعادات ما لا يرضاها الإسلام، ولا يقرها الشرع، ولا يقبلها ضمير المسلم الواعي.
وقد أسمينا هذه الترجمة بـ " رسالة التوحيد للعلامة الشيخ إسماعيل الشهيد " لأن هذا الاسم أدل على مسماه، وقد تولى المؤلف نقل كتابه الذي وضعه بالعربية، وسماه بـ " رد الإشراك " وقد طارت العنقاء بهذا الأصل العربي وفُقِد، وتسميتنا أقرب إلى تسميته الأصلية.
والله نسأل أن ينفع بهذه الترجمة كما نفع بالأصل، ويشرح بها صدور المؤمنين، وعلى اللَّه قصد السبيل.
أبو الحسن علي الحسني الندوي
غرة ربيع الأول ١٣٩٤ هـ
1 / 32