تعود إلى مستقرِّها من الجنان، فإذا هي خرجت كالعادة، فاسألوا في أمري بأجمعكم، فلعلّها تسأل أباها فيَّ فلمّا حان خروجها ونادى الهاتف: أن غضُّوا أبصاركم يا أهل الموقف حتى تعبر فاطمة بتت محمد، ﷺ، اجتمع من آل أبي طالبٍ خلقٌ كثيرٌ، من ذكورٍ وإناثٍ، ممّن لم يشرب خمرًا، ولا عرف قطُّ منكرًا. فلقوها في بعض السّبيل، فلّما رأتهم قالت: ما بال هذه الزَّرافة؟ ألكم حالٌ تذكر؟ فقالوا: نحن بخيرٍ، إنّا نلتذُّ بتحف أهل الجنّة، غير أنَّا محبوسون للكلمة السابقة، ولا نريد أن نتسرَّع إلى الجنّة من قبل الميقات، إذ كنّا آمنين ناعمين بدليل قوله: " إنَّ الذين سبقت لهم منّا الحسنى أولئك عنها مبعدون. لا يسمعون حسيسها وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون. لا يحزنهم الفزع الأكبر، وتتلقَّاهم الملائكة: هذا يومكم الذي كنتم توعدون " وكان فيهم عليُّ بن الحسين وابناه محمّدٌ وزيدٌ، وغيرهم من الأبرار الصالحين. ومع فاطمة، ﵍، امرأة أخرى جري مجراها في الشرف والجلالة، فقيل: من هذه؟ فقيل: خديجة ابنة خويلد ابن أسد بن بد العزَّى، ومعها شبابٌ على أفراسٍ من نورٍ. فقيل: عبد الله، والقاسم، والطَّيب، والطاهر، وإبراهيم: بنو محمدٍ، ﷺ.
فقالت تلك الجماعة التي سألت: هذا وليٌّ من أوليائنا، قد صحّت توبته، ولا ريب أنَّه من أهل الجنَّة، وقد توسَّل بنا إليك، صلّى الله عليك، في أن يراح من أهوال لموقف، ويصير إلى الجنّة فيتعجلَّ الفوز. فقلت لأخيها إبراهيم، صلّى الله عليه: دونك الرجل. فقال لي: تعلَّق بركابي. وجعلت تلك الخيل تخلَّل الناس وتنكشف لها الأمم والأجيال، فلّما عظم الزَّحام طارت في الهواء، وأنا متعلّق بالرِّكاب، فوقفت عند
1 / 59