ولمدَّعٍ أن يقول: الفعل مشتقٌّ من المصدر فهو فرع عليه، والصِّفة فرع آخر، فيجوز أن يتقدَّم أحد الفرعين على صاحبه.
ثمَّ يذكر له أشياء من شعره، فيجده عن الجواب مستعجمًا، إن نطق نطق محجمًا.
تميم بن أبي
فيقول: أيكم تميم بن أبيّ؟ فيقول رجل منهم: ها أنا ذا. فيقول أخبرني عن قولك:
يا دار سلمى خلاءً لا أكلِّفها ... إلاّ المرانة حتى تسأم الدنيا
ما أردت بالمرانة؟ فقد قيل: إنّك أردت اسم امرأة، وقيل: هي اسم ناقةٍ، وقيل: العادة. فيقول تميم: والله ما دخلت من باب الفردوس ومعي كلمة من الشعر ولا الرَّجز، وذلك أنّي حوسبت حسابًا شديدًا، وقيل لي: كنت فيمن قاتل عليَّ بن أبي طالب. وانبرى لي النَّجاشي الحارثيّ، فما أفلتُّ من اللهب حتى سفعني سفعات.
وإن حفظك لمبقىً عليك، كأنّك لم تشهد أهوال الحساب، ومنادي الحشر يقول: أين فلان ابن فلان؟ والشّوس الجبابرة من الملوك تجذبهم الزّبانية إلى الجحيم، والنسِّوة ذوات التِّيجان يصرن بألسنة الوقود، فتأخذ في فروعهنَّ وأجسادهنَّ، فيصحن: هل من فداء؟ هل من عذرٍ يقام؟ والشباب من أولاد الأكاسرة يتضاغون في سلاسل النار ويقولون: نحن أصحاب الكنوز، نحن أرباب الفانية، ولقد كانت لنا إلى الناس صنائع وأيادٍ فلا فادي ولا معين!
فهتف داعٍ من قبل العرش: " أولم نعمِّركم ما يتذكّر فيه من تذكَّر وجاءكم النّذير فذوقوا فما للظالمين من نصير " لقد جاءتكم الرسل في زمانٍ بعد زمانٍ، وبذلت ما وكّد من الأمان، وقيل لكم في الكتاب: " واتقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله ثم توفَّى كلُّ نفسٍ ما كسبت وهم لا يظلمون " فكنتم في لذات السَّاخرة واغلين، وعن أعمال الآخرة متشاغلين، فالآن
1 / 53