فيقول، أرغم الله أنف شانئه: ننشد: وإذا نظرت، وإذا لمست، وإذا طعنت، وإذا نزعت، على الخطاب. فيقول النابغة: قد يسوغ هذا، ولكنَّ الأجود أن تجعلوه إخبارًا عن المكلّم، لأنّ قولي: زعم الهمام يؤدّي معنى قولنا: قال الهمام، فهذا أسلم، إذ كان الملك إنما يحكي عن نفسه. وإذا جعلتموه على الخطاب قبح: إن نسبتموه إليَّ فهو منديةٌ، وإن نسبتموه إلى النّعمان فهو إزراءٌ وتنقُّض. فيقول: أيدَّ الله الفضل بزيادة مدتّه: الله درُّك يا كوكب بني مرّة. ولقد صحف عليك أهل العلم من الرواة، وكيف لي بأبوي عمرو: المازنيّ والشّيبانيّ، وأبي عبيدة، وعبد الملك، وغيرهم من النّقلة لأسألهم: كيف يروون، وأنت شاهدٌ، لتعلم أني غير المتحرّض ولا الولاَّغ؟ فلا يقرُّ هذا القول في حذنَّة أبي أمامة إلاّ والرواة أجمعون قد أحضرهم الله القادر، من غير مشقّةٍ نالتهم، ولا كلفةٍ في ذلك أصابتهم، فيسلّمون بلطفٍ ورفقٍ. فيقول، أعلى الله قوله: من هذه الشّخوص الفردوسيَّة؟ فيقولون: نحن الرُّواة الذين شئت إحضارهم آنفًا فيقول: لا إله إلاّ الله مكونًَّا مدوّنًا، وسبحان الله باعثًا وارثًا، وتبارك الله قادرًا لا غادرًا!! كيف تروون أيُّها المرحومون قول النابغة في الداليَّة: وإذا نظرت، وإذا لمست، وإذا طعنت، وإذا نزعت، أبفتح التاء أم بضمّها؟ فيقولون: بفتحها. فيقول: هذا شيخنا أبو أمامة يختار الضَّمّ، ويخبر أنّه حكاه عن النَّعمان. فيقولون: هو كما جاء في الكتاب الكريم: " والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين " فيقول، ثبّت الله كلمته على التوفيق: مضى الكلام في هذا يا أبا أمامة، فأنشدنا كلمتك التي أوّلها:
ألمَّا على المطمورة المتأبّدة، ... أقامت بها المربع المتجرّدة
1 / 33