إلاّ أنَّك يا أبا سوادة أحرزت فضيلة السَّبق.
وما كنت أختار لك أن تقول:
يا ليت شعري وان ذو عجَّةٍ
لأنّك لا تخلو من أحد أمرين: إمَّا أن تكون قد وصلت همزة القطع وذلك رديء، على أنّهم قد أنشدوا:
أن لن أقاتل، فألبسوني برقعًا، ... وفتخاتٍ في اليدين أربعا
ويزيد ما فعلت من إسقاط الهمزة بعدًا أنّك حذفت الألف التي بعد النون، فإذا حذفت الهمزة من أوّل الكلمة بقيت على حرفٍ واحدٍ، وذلك بها إخلال.
وإمّا أن تكون حقَّقت الهمزة فجعلتها بين بين، ثم اجترأت على تصييرها ألفًا خالصةٍ، وحسك بهذا نقضًا للعادة، ومثل ذلك قول القائل:
يقولون: مهلًا ليس للشيخ عيَّلٌ ... فها أنا قد أعيلت وان رقوب
ولو قلت:
يا ليت شعري أنا ذو عجَّةٍ
فحذفت الواو، لكان عندي أحسن وأشبه. فيقول عديُّ ابن زيد: إنّما قلت كما سمعت أهل زمني يقولون، وحدثت لكم في الإسلام أشياء ليس لنا بها علم، فيقول الشيخ: لا أراك تفهم ما أريده من الأغراض، ولقد هممت أن أسألك عن بيتك الذي استشهد به سيبويه، وهو قولك:
أرواح مودع أم بكور، أنت، فانظر لأيِّ حالٍ تصير
فإنه يزعم أنَّ أنت يجوز أن يرتفع بفعلٍ مضمرٍ يفسره قولك: فانظر، وأنا استبعد هذا المذهب ولا أظنُّك أردته. فيقول عديّ بن زيدٍ: عني من هذه الأباطيل، ولكني كنت في الدار الفانية صاحب قنص، ولعلَّه قد بلغك قولي:
ولقد أغدوا بطرفٍ زانه ... وجه منزوفٍ وخدِّ كالمسن
ذي تليلٍ، مشنقٍ قائده، ... يسر في الكفِّ، نهدٍ، ذي غسن
مدمجٍ كالقدح، لا عيب به، ... فيرى فيه، ولا صدع أبن
1 / 26