فلا تكتمن الله ما في نفوسكم
ليخفى، ومهما يكتم الله يعلم
يؤخّر، فيوضع في كتابٍ، فيدَّخر
ليوم الحساب، أو يعجَّل فينقم فيقول: ألست القائل:
وقد أغدو على ثبةٍ كرامٍ ... نشاوى واجدين لما نشاء
يجرُّون البرود وقد تمشَّت ... حميّا الكأس فيهم والغناء
أفأطلقت لك الخمر كغيرك من أصحاب الخلود؟ أم حرَّمت عليك مثلما حرّمت على أعشى قيس فيقول زهيرٌ: إن أخا بكرٍ أدرك محمّدًا فوجبت عليه الحجَّة، لأنّه بعث بتحريم الخمر، وحظر ما قبح من أمر؛ وهلكت أنا والخمر كغيرها من الأشياء، يشربها أتباع الأنبياء، فلا حجّة عليَّ.
فيدعوه الشَّيخ إلى المنادمة؛ فيجد من ظراف النَّدماء، فيسأله عن أخبار القدماء.
ومع المنصف باطيةٌ من الزُّمرُّد، فيها من الرَّحيق المختوم شيءٌ يمزج بزنجبيل، والماء أخذ من سلسبيل. فيقون، زاد الله في أنفاسه: أين هذه الباطية من التي ذكرها السّرويُّ في قوله:
ولنا باطيةٌ مملوءةٌ ... جونةٌ، يتبعها برذينها
فإذا ما حاردت أو بكأت ... فتَّ عن خاتم أخرى طينها
ثم ينصرف إلى عبيد فإذا هو قد أعطي بقاء التأبيد، فيقول: السلام عليك يا أخا بني أسدٍ. فيقول: وعليك السلام، وأهل الجنّة أذكياء، لا يخالطهم الأغبياء، لعلَّك تريد أن تسألني بم غفر لي؟ فيقول: أجل، وإنّ في ذلك لعجبًا! أألفيت حكمًا للمغفرة موجبًا، ولم يكن عن الرَّحمة محجَّبًا؟ فيقول عبيدٌ: أخبرك أنّي دخلت الهاوية، وكنت قلت في أيّام الحياة:
1 / 23