الوزير، والقاضي العلَّامة علي بن محمَّد العنسي. ورحل إلى مكة وقرأ الحديث على أكابر علمائها وعلماء المدينة، وبرع في جميع العلوم، وفاق الأقران، وتفرَّد برئاسة العلم في صنعاء، وتظهَّر بالاجتهاد، وعمل بالأدلة، ونفر عن التقليد، وزيَّف ما لا دليل عليه من الآراء الفقهية.
وجرت له مع أهل عصره خطوب ومحن، منها في أيام المتوكِّل على الله القاسم بن الحسين، ثم في أيام ولده الإِمام المنصور بالله الحسين بن القاسم، ثم في أيام ولده الإِمام المهدي العباس بن الحسين، وتجمَّع العوام لقتله مرة بعد أُخرى، وحفظه الله من كيدهم ومكرهم، وكفاه شرّهم. وولَّاه الإِمام المنصور بالله الخطابة بجامع صنعاء فاستمر كذلك إلى أيام ولده الإِمام المهدي.
واتفق في بعض الجُمع أنه لم يذكر الأئمة الذين جرت العادة بذكرهم في الخطبة الأخرى فثار عليه جماعة من آل الإِمام الذين لا أنسة لهم بالعلم، وعَضّدهم جماعة من العوام وتواعدوا فيما بينهم على قتله في المنبر يوم الجمعة المقبلة، وكان من أعظم المحشدين لذلك السيِّد يوسف العجمي الإِمامي القادم (١) في أيام الإِمام المنصور بالله والمدِّرس بحضرته، فبلغ الإِمام المهدي ما قد وقع التَّواطؤ عليه، فأرسل لجماعة من أكابر آل الإِمام وسجنهم، وأرسل لصاحب الترجمة أيضًا وسجنه، وأمر من يطرد السيد يوسف المذكور حتى يخرجه من الديار اليمنية، فسكنت عند ذلك الفتنة وبقي صاحب الترجمة نحو شهرين، ثم خرج من السجن، وَوُلِّيَ الخطابة غيره، واستمر ناشرًا للعلم تدريسًا، وإفتاء، وتصنيفًا.
_________
(١) كذا في البدر الطالع ص ٦٥٠!!!
1 / 9