ما تحت يده؛ فأحكام المال تختلف باختلاف حال مالكه.
إذا عرفت هذا، فأي شيء يوجب الحكم بنسخ حديث "أنت ومالك لأبيك"؟ فإنَّه لا تناقض في الأحكام، ولا معارضة، وقد اختلف زمان الحكمين. وقد سمَّى الشارع الولد نفسه كسبًا لأبيه، وأمره بالأكل من كسبه، وأخبره بأنه من أطيب ما يأكل منه في حديث: "إنَّ أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإنَّ أولادكم من كسبكم"، أخرجه البخاري في التاريخ والترمذي والنسائي وابن ماجه من حديث عائشة. والمراد من الأكل: الانتفاع على أي وجه، من باب: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا﴾ الآية [النساء: ١٠]، ومن باب حديث: "آكل الربا وموكله"، فإنَّه ليس المراد الانتفاع به في أي وجه.
واعلم أنَّ كلام رسول الله ﷺ مأخوذ من كلام ربه ﵎، فإنَّه تعالى قال في سورة النور: ﴿وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ﴾ الآية [النور: ٦١]، وعد عشرة أصناف من قرابات الإِنسان ممن نفى الجناح عن الأكل من بيوتهم، ولم يذكر الأولاد، فلم يأت أو بيوت أولادكم؛ لأنه لا بيوت لهم بالنسبة إلى آبائهم، بل هي بيوت الآباء.
وبهذا تعرف أنَّ السُّنَّة مشتقة من الكتاب وأنَّ أحكامها تفصيل ونتائج لما تضمنته آياته؛ لذلك يقول الله تعالى مخاطبًا لرسوله ﷺ: ﴿لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل: ٤٤].
وأما قول ابن حزم: إنه لو كان مال الولد لأبيه لما حل له وطء الأمة المشتراة من ماله، مع حل ذلك بدخوله تحت عموم ﴿إِلَّا عَلَى
1 / 35