وكذلك الحكم في تسريه، وإنَّما لما تعذر الجمع بين الأدلة حكم بالنسخ.
والجمع هنا ممكن عندنا، فإنَّا نقول: حديث "أنت ومالك لأبيك" قضى بأنَّ الولد وماله للأب، وحكم بالأدلة الأخرى أنه إذا مات الولد كان ما تحت يده ميراث لأبويه وزوجه وأولاده. فهذا حكم مال الولد بعد وفاته، والأول حكمه في حياته، فأي مانع أن يكون ما تحت يده ملكًا لأبيه مهما كانا في قيد الحياة؟؟ فإذا مضى أحدهما لسبيله ولقي الله تعالى كان مال الولد أي الذي تحت يده إن كان هو الميت ميراثًا بين ورثته على فرائض الله، وإن خلف أبويه فقط حازا ما تحت يده أثلاثًا إن كان له أم، وإلَّا فهو للأب جميعه، كما كان له في حياة ولده.
وفي عدم توريث الإِخوة من الذي خلفه أخوهم وحيازة والده لماله كله وعدم مزاحمتهم له: دليل على أنه لم يكن المال للأخ الميت، ودليل على أنهم لا يملكون مع أبيهم شيئًا. فلم يجعل الله لهم نصيبًا يزاحمون فيه أباهم، بل جعل الله وجودهم صارفًا للأم عن استحقاق الثلث من مخلف ابنها إلى السدس لسر بديع، وهو أنَّ أباهم هو الكافل لهم القائم بمؤنتهم وأقواتهم، ولما لم يكن لهم وجود استحقت الثلث من مال ولدها الهالك، وتنزلت هي وأبوه منزلة الذكر والأنثى من الأولاد والإِخوة للذكر مثل حظ الانثيين.
فإن قلت: أولاد الرجل يزاحمونه في تركة أمهم إذا ماتت.
1 / 33