الجمهور خصَّصوا من تلك العمومات إيجاب النفقة لأبيه وإن كره، وأخذها من ماله ولو قهرًا إن امتنع. كما خصصها أيضًا حديث هند الصحيح بقوله ﷺ لمَّا شكت أنَّ أبا سفيان زوجها شحيح لا يسمح بنفقتها وولدها الكفاية، فقال ﷺ: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف" (١).
وذهب أبو محمَّد ابن حزم (٢) إلى أنه ليس للأب والجد إلَّا الأكل من مال ولدهما إن وجداه (٣) من بيت أو غير بيت فقط (٤)، ولا حق لهما بهما ولا حكم في شيء من ماله، لا بعتق ولا بإسقاط (٥) ولا بارتهان، إلَّا إن كانا فقيرين، فيأخذ الفقير منهما ما احتاج من مال ولده: من كسوة وأكل وسكنى وخدمة، وما احتاجا إليه فقط.
ثم قال: فإن قلت: فأنتم القائلون بكل ما صح عن النبي ﷺ، فلم استحللتم ترك الثابت عنه من قوله [ﷺ] (٦): "أنت ومالك لأبيك"؟
_________
(١) حديث هند، أخرجه البخاري في الصحيح عن عائشة ﵂: قالت هند: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح فهل عليّ جناح أن آخذ من ماله ما يكفيني وبنيّ، قال: "خذي بالمعروف". انظر: "الفتح" (٩/ ٥١٤).
(٢) قلت: لم يلتزم المؤلف بنقل كلام ابن حزم بلفظه مع أنه ذكر ذلك في نهاية ما نقله عنه، وسأذكر نص ابن حزم في محله في الحاشية رامزًا لها بقولي: في الأصل. وهو في المحلّى (٨/ ٥١٣) وما بعدها.
(٣) في الأصل (فإن للأب والأم أن يأكلا من مال الوالد).
(٤) كذا العبارة في الأصل المخطوط!!
(٥) بإصداق.
(٦) في الأصل ﵇.
1 / 30