Lettre aux gens de la frontière à la porte des portes
رسالة إلى أهل الثغر بباب الأبواب
Chercheur
عبد الله شاكر محمد الجنيدي
Maison d'édition
عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية،المدينة المنورة
Numéro d'édition
١٤١٣هـ
Lieu d'édition
المملكة العربية السعودية
Genres
Croyances et sectes
أنهم لا يريدون بقولهم: جاءت زيدًا الحمى أنها تنقلت إليه، أو تحركت من مكان كانت فيه إذ لم تكن جسمًا ولا جوهرًا، وإنما مجيئها إليه وجودها به١.
وأنه ﷿ ينزل إلى السماء٢ الدنيا كما روي عن النبي ﷺ، وليس نزوله نقله، لأنه ليس بجسم ولا جوهر، وقد نزل الوحي على النبي ﷺ عند من خالفنا٣.
_________
١ ينص الأشعري في هذا الإجماع على إثبات صفة المجيء لله ﷾ كما نطق بذلك القرآن الكريم في أكثر من موضع، وصح ذلك عن رسول الله ﷺ كما جاء في حديث أبي هريرة: "إذا كان يوم القيامة نزل الرب إلى العباد" أخرجه الحاكم في المستدرك ١/٤٨١ وصححه ووافقه الذهبي، وأخرجه أيضًا في العلو. (انظر مختصر العلو ص١١٠) .
وفي حديث الرؤية الطويل قول الرسول ﷺ: "فيأتيهم الله تعالى في صورته التي يعرفونه..." أخرجه البخاري في كتاب التوحيد باب ٢٤ ج٨/٧٩، وكتاب الرقاق باب ٥٢ ج٧/٢٠٥، ومسلم في كتاب الإيمان باب ٨١ ج١/١٦٣.
وقال الحافظ أبو نعيم وهو يذكر ما أجمع عليه السلف: "... وأنه تعالى وتقدس يجيء يوم القيامة لفصل القضاء بين عباده والملائكة صفًا صفًا كما قال تعالى ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا﴾ (انظر الفتوى الحموية الكبرى لابن تيمية ص٣٥، ٣٦) .
كما تعرض ابن القيم لهذه الصفة، وأبطل تأويل المعطلة لها من عشرة أوجه أذكر منها: أن عطف مجيء الملك في الآية على مجيء الله ﷾ يدل على تغاير المجيئين، وأن مجيئه سبحانه حقيقة كما أن مجيء الملك حقيقة، وهكذا الأمر في قوله تعالى: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ﴾ حيث فرق سبحانه بين إتيان الملائكة، وإتيانه، وإتيان بعض الآيات، فقسم ونوع، ومع هذا التقسيم يمتنع أن يكون القسمان واحدًا. انظر مختصر الصواعق ٢/١٠٦- ١٠٨) .
وذكر الأشعري هنا أن مجيء الله ليس كمجيء البشر، بمعنى أنه لا يترتب عليه ما يترتب على مجيء البشر، لأنه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، أما ما ذكره من كون مجيئه ليس حركة ولا انتقالًا، فهذا شيء لم يتكلم السلف فيه، ولم يوردوه في كتبهم؛ لأن الأصل الذي اعتمدوا عليه في ذلك - وهو إثبات الصفات دون تكييف - رفع عنهم البحث في ذلك. (انظر ما سبق ذكره في التعليق على الإجماع الثاني) .
ويقول الهراس وهو يعرض لمسألة نزول الرب عند ابن تيمية - أن ابن تيمية يؤمن بنزول الرب حقيقة من على العرش، ثم يطرح سؤالًا موجهًا إلى كلام ابن تيمية: هل يجوز عليه الحركة والانتقال؟، ثم يجيب قائلًا: "لم أجد لابن تيمية نصًا يفيد هذا، بل مذهبه الصريح الذي يذكره في عامة كتبه أن الله فوق سماواته على عرشه بائن عن خلقه، وأنه لا يحصره ولا يحيط به شيء من مخلوقاته، كما أنه لا يحل في شيء منها". (انظر كتابه ابن تيمية السلفي ص١٥٦) .
وما يقال في النزول يقال في المجيء، فالكل من باب واحد، وسيأتي الكلام على صفة النزول.
٢ في (ت): "سماء" بدون أل.
٣ ذهب أهل السنة والجماعة إلى ما ذكره الأشعري من أن الله ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا لثبوت ذلك عن رسول الله ﷺ.
قال ابن خزيمة: "باب ذكر أخبار ثابتة السند صحيحة القوام رواها علماء الحجاز والعراق عن النبي ﷺ في نزول الرب جل وعلا إلى سماء الدنيا كل ليلة" ثم ساق الأحاديث. (انظر كتاب التوحيد ص١٢٥) .
وقال ابن أبي زمنين: "ومن قول أهل السنة أن الله ينزل إلى سماء الدنيا ويؤمنون بذلك من غير أن يروا فيه حدًا". (انظر أصول السنة ورقة ٤/ ب، وانظر السنة لابن أبي عاصم ١/٢١٦، والشريعة للآجري ص٣٠٦، واعتقاد أهل السنة للالكائي ٢/٤١٨، وعقيدة السلف وأصحاب الحديث للصابوني ص١١٢، ومختصر العلو للذهبي ص١٢٨) .
كما نص على إجماع السلف على ذلك الإمام أبو عبد الله محمد بن خفيف فيما نقله عنه شيخ الإسلام ابن تيمية. (انظر الحموية الكبرى ص٤٦) .
وقد ألف الدارقطني كتابًا سماه "أحاديث النزول" تضمن ستة وتسعين حديثًا وأثرًا في إثبات هذه الصفة، كما ألف ابن تيمية كتابًا سماه "شرح حديث النزول" قرر فيه هذه الصفة على ضوء عقيدة السلف ورد على المخالفين.
وقال الذهبي: "وأحاديث نزول الباري متواترة قد سقت طرقها وتكلمت عليها بما أسأل عنه يوم القيامة" (انظر مختصر العلو ص١١٠) .
وقد ذكر ابن القيم تسعة وعشرين صحابيًا رووا أحاديث النزول عن رسول الله ﷺ. (انظر الصواعق ٢/٢٣٠، ولوامع الأنوار البهية ١/٢٤٢) .
وقال ابن حجر آل بوطامي: "... والحاصل أن حديث النزول حديث صحيح فقد رواه نحو من ثمانية وعشرين صحابيًا عن النبي ﷺ واشتملت عليه كتب الإسلام كالبخاري ومسلم ومسند أحمد وموطأ مالك، ورواه علماء الحجاز والعراق، وأطبق على اعتقاد نزوله بلا كيف جميع علماء الأمصار، كالإمام أبي حنيفة ومالك والسفيانين والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وسائر المحدثين والفقهاء، ولم يخالف في ذلك إلا أهل التعطيل والتأويل هدانا الله وإياهم سواء السبيل". (انظر كتابه العقائد السلفية ص٧٦) .
وقد ذهب الخلف إلى تأويل هذه الصفة قائلين: إن المراد من النزول نزول أمره ورحمته، وقد رد عليهم أعلام السلف في ذلك، قال الدارمي في رده على بشر المريسي: "... وهذا أيضًا من حجج النساء والصبيان ومن ليس عنده بيان، ولا لمذهبه برهان، لأن أمر الله ورحمته ينزل في كل ساعة ووقت وأوان ... " (انظر كتابه ص٢٠) .
وقد حاول المعطلة الاعتراض على أحاديث النزول من وجه آخر قائلين: إن ثلث الليل يختلف باختلاف البلدان، فلا يمكن أن يكون النزول في وقت معين، ولقد رد عليهم ابن رجب الحنبلي بعد حكاية قولهم قائلًا: "ومعلوم قبح هذا الاعتراض، وأن الرسول ﷺ أو خلفاءه الراشدين لو سمعوا من يعترض به لما ناظروه، بل بادروا بعقوبته وإلحاقه بزمرة المخالفين المنافقين المكذبين". (انظر فضل علم السلف على الخلف ص٦) .
كما رد عليهم ابن تيمية في شرح حديث النزول ص٦٨- ١٠٦، والهراس في تعليقه على كتاب التوحيد لابن خزيمة ص١٢٨.
1 / 129