محدثًا لكان تعالى قبل حدثها موصوفًا بضدها، ولو كان ذلك لخرج١ عن الإلهية٢، وصار إلى حكم المحدَثين الذين يلحقهم النقص ويختلف عليهم صفات الذم والمدح، وهذا يستحيل على الله ﷿، وإذا استحال ذلك عليه وجب أن يكون لم يزل بصفة الكمال؛ إذ كان لا يجوز عليه الانتقال من حال إلى حال٣.
الإجماع الخامس
وأجمعوا (على) ٤ أن صفته ﷿ لا تشبه صفات المحدثين، كما أن نفسه لا تشبه أنفس المخلوقين، واستدلوا على ذلك بأنه لو لم يكن له ﷿ هذه الصفات لم يكن موصوفًا بشيء منها في الحقيقة، (من قبل أن من ليس له حياة لا يكون حيًا، ومن لم يكن له علم لا يكون عالمًا في الحقيقة، ومن لم يكن له قدرة فليس بقادر في الحقيقة، وكذلك الحال في سائر الصفات، ألا ترى من لم يكن له فعل) ٥ لم يكن فاعلًا في الحقيقة، ومن لم يكن له إحسان لم يكن محسنًا، ومن لم يكن له كلام لم يكن متكلمًا في الحقيقة، ومن لم يكن له إرادة لم يكن في الحقيقة مريدًا، وأن من٦ وصف بشيء من ذلك مع عدم الصفات التي توجب هذه الأوصاف له لا يكون مستحقًا لذلك في الحقيقة، وإنما يكون وصفه مجازًا٧ أو كذبًا، ألا ترى أن وصف الله ﷿ للجدار بأنه يريد أن ينقض، لما لم يكن له إرادة في الحقيقة كان مجازًا، وذلك أن هذه الأوصاف مشتقة من أخص أسماء هذه الصفات ودالة عليها، فمتى لم توجد هذه الصفات التي وصف بها كان وصفه بذلك