﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ ١، ويشهد أن ذلك البلاء من المبلي فيغيب برؤية وجدان مرارة البلاء وصعوبته قال تعالى: ﴿وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا﴾ ٢. وقيل لبعض الشطار: متى يهون عليك الضرب والقطع؟ فقال: إذا كنا بعين من نهواه، فنعد البلاء رخاء والجفاء وفاء والمحنة منحة. فالعاقل يستحضر مثل هذا في ذلك الوقت، ويستصغر ما يرد عليه من مصائب الدنيا وشدائدها وبلائها، ويتسلى ويتعزى بما يصيبه من ذلك، ويشتغل يومه ذلك بما استطاع من الطاعات والأعمال الصالحات، لحثه ﷺ على صوم يوم عاشوراء؛ فبكل ذلك يصرف زمانه في أنواع القربات عسى أن يكتب من محبي أهل القربى، ولا يتخذه للندب والنياحة والحزن كفعل الجهلة، إذ ليس ذلك من أخلاق أهل البيت النبوي ولا من طريقهم، ولو كان ذلك من طرائقهم لاتخذت الأمة يوم وفاة نبيهم ﷺ مأتما في كل عام؛ فما هذا إلا من تزيين الشيطان وإغوائه".
قال الشيخ عقب ذكر ذلك ٣: "وهذا كما زين لقوم آخرين معارضة هؤلاء في فعلهم، فاتخذوا هذا اليوم عيدا، وأخذوا في إظهار الفرح والسرور، إما لكونهم من النواصب المتعصبين على الحسين ﵁ وأهل بيته، وإما من الجهال المقابلين للفساد بالفساد والشر بالشر والبدعة، فأظهروا الزينة كالخضاب ولبس الجديد من الثياب، والاكتحال، وتوزيع النفقات، وطبخ الأطعمة والحبوب الخارجة عن العادات، ويفعلون فيه ما يفعل في الأعياد، ويزعمون
_________
١ سورة الزمر آية: ١٠.
٢ سورة الطور آية: ٤٨.
٣ نفس المصدر والجزء: ٢٥٣.
1 / 48