في ذلك الموضع قوية التشبث .
وأما الطائفة التي قالت إن للموت ألما ، فلم تأت ببرهان يصحح قولها ، وقد يمكن أن تشغب من شدائد المرض ( 1 ) ومقدمات الموت التي عنها يكون ، ومن الشريعة بقول النبي صلى الله عليه وسلم ( 2 ) ' إن للموت لسكرات ' وهذا لا حجة فيه لقولهم ، لأن هذه الآلام التي تظهر من المريض إنما هي ما دامت النفس متشبثة بالجسد مقترنة به ، لا بعد الموت . إنما هو حال الفراق ، وحال الفراق [ أليم ] . وقوله إن للموت سكرات حق وصدق لا شك فيه ، لأنه قد يمكن أنه عليه السلام يصف ما يكون سببا للموت ، من فساد الجسم واضطراب حاله الموجب للألم للموت ، فهي من سكراته ؛ وقد يكون ذلك لعناء في ( 3 ) النوم ، فلم يعن عليه السلام قط إلا من له سكرات متقدمة ، وقد يكون عليه السلام [ يصف ] حاله ، وما كان مثلها ، أو يكون عنى ما كان ما يتخوف بعده ، وما يفكر العاقل حينئذ فيما يقدم ( 4 ) عليه ، فتكون سكرات معلقة بنفسه ولا سبيل إلا ما يكون إلا ما في قلبه أو فيما بعده حين لقائه لها ، ولم ينص عليه السلام على أن حال الموت ذات ألم فيكون معارضا للمذكور ، وحاشا له عليه السلام أن يأتي بخلاف ما تقتضيه العقول وتدركه المشاهدات ، إنما يصفه بهذا من يريد إطفاء نوره ، وإبطال كلمته ، وتوهين أمره ، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ، وبالله تعالى التوفيق .
تمت الرسالة في ألم الموت وإبطاله والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على سيدنا محمد
Page 360