A Treatise on Jurisprudential Principles

رسالة في القواعد الفقهية

Enquêteur

عبد الرحمن حسن محمود

Maison d'édition

المؤسسة السعيدية ومطابع الدجوى

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

1402 AH

Lieu d'édition

القاهرة

هذه

رسالة في القواعد الفقهية

تأليف

علامة القصيم الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي

ويليها

منظومة مشتملة على أحكام الفقه المؤلف

ويليهما

تعليق لطيف على منظومة في السير إلى الله والدار الآخرة

للمؤلف أيضًا


أشرف على الطبع والتصحيح فضيلة الشيخ عبد الرحمن حسن محمود من علماء الأزهر

وتنشره لأول مرة المؤسسة السعيدية بالرياض

لصاحبها

فهد بن عبد العزيز السعيد

شارع الخزان من جهة البطحاء عمارة أحمد محمد القصيبي وإخوانه

1

Page inconnue

رقم الإيداع : ٣٤٦٠ لسنة ١٩٨١

مطابع الدجوى - القاهرة - عابدين

4

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

فإني وضعتُ لي ولإخواني - منظومة مشتملة على مهمات قواعد الدين، وهي وإن كانت قليلة الألفاظ، فهي كثيرة المعاني لمن تأملها.

ولكنها تحتاج إلى تعليق يوضحها ويكشف بعض معانيها، وأمثلتها: تنبه اللبيب الفطن على ما وراء ذلك، فوضعت عليها هذا الشرح اللطيف، تيسيراً لفهمها.

وأسأل الله أن ينفع به واضعه، وقارئه ويجعله خالصاً لوجهه الكريم، إنه رءوف رحيم.

المؤلف

4

الرسالة الأولى

5

Page inconnue

بسم الله الرحمن الرحيم

١ - الحمد لله العليّ الأرفق وجامع الأشياء والمفرّق


أما الحمد فهو: الثناء على الله بصفات كماله، وسبوغ نعمه، وسعة جوده وبديع حكمته، لأنه تعالى كامل الأسماء والصفات والأفعال، ليس في أسمائه اسم مذموم، بل كلها أسماء حسنى، ولا في صفاته صفة نقص وعيب، بل هي صفات كاملة من جميع الوجوه، وهو تعالى جميل الأفعال؛ لأن أفعاله دائرة بين العدل والإحسان، وهو محمود على هذا وعلى هذا أتم حمد وأكمله.

و((الله)) هو المألوه المعبود، الذي يستحق أن يؤله ويعبد بجميع أنواع العبادة، ولا يشرك به شيء لكمال حمده.

((العليّ)) الذي له العلو التام المطلق من جميع الوجوه، علو الذات، وعلو القدر، وعلو القهر.

((الأرفق)) أي الرفيق في أفعاله، فأفعاله كلها رفق على غاية المصالح والحكمة، وقد أظهر سبحانه لعباده من آثار رفقه ما يستدلون به على كماله وكمال حكمته، ورفقه، كما في خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام، مع أنه قادر على أن يخلقها في لحظة، وكذلك خلقه الإنسان،

7

........................ ........................


والحيوانات والنبات ، على اختلاف أنواعه ، يخلقها شيئاً فشيئاً ، حتى تنتهى وتكمل ، مع قدرته على تكميلها فى لحظة ، ولكنه رفيق حكيم ، فمن حكمته ورفقه تطويرها فى هذه الأَطوار ، فلا تنافى بين قدرته وحكمته ، كما أنه يقدر على هداية الضالين، ولكن حكمته اقتضت إِبقاءهم على ضلالهم عدلًا منه تعالى، ليس ظلماً، لأن إعطاءَ الإِيمان والهدى محض فضله ، فإِذا منعه أحداً لم يُعَدَّ ظالِمًا، لاسيّما إِذا كان المحلّ غير قابلٍ للنعم ، فكل صفة من صفاته تعالى لها أثر فى الخلق والأمر ، ولا ينافى بعضها بعضا ، ومن فهم هذا الأصل العظيم انحلت عنه إشكالات كثيرة فى معرفة أسماء الله وصفاته ، ونَزَّل كل اسم من أسماءِ الله فى محله اللائق به ،

وقولى :

(( وجامع الأشياء والمفرق)) يعنى: أنه جمع الأشياء فى شىء ، وفرّقها فى شىء آخر ، كما جَمَع بين خلقه فى كونه خلقهم ، وَرَزَقْهم، وفرّق بينهم فى الأشكال والصور ، والطول والقِصَر، والسواد والبياض، والحسن والقبح ، وغير ذلك من الصفات.

كل هذا صادر عن كمال قدرته وحكمته ، ووضعه الأشياء مواضعها اللائقة بها ، والله أعلم .

8

قولى :

٢- ذى النعم الواسعة الغزيرة والحِكَمِ الباهرة الكثيرة


٢ - هذا بيان لسعة فضله وعطاياه الشاملة لجميع خلقه، فلا يخلو مخلوق من نعمه طرفة عين، ولاسيّما الآدمي، فإن الله فضّله وشرّفه، وسخر له ما في السموات وما في الأرض، وأسبغ عليه نعمه الظاهرة والباطنة، ولا يمكن تعداد نعمه،

قال تعالى - [ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ] ولكنه تعالى رضي من شكر نعمه بالاعتراف بها، والتحدث بها، وصرفها في طاعة الله، وأن لا يستعان بشيءٍ من نعمه على معاصيه.

وقولي

[ والحِكَم الباهرة الكثيرة ] يعني أن حكمه تعالى كثيرة تبهر العقول، وتتعجب منها غاية العجب، فإن جميع مخلوقاته ومأموراته مشتملة على غاية الحكمة.

ومن نظر في هذا الكون وعجائبه وسمائه وأرضه، وشمسه وقمره، وكواكبه وفصوله وحَيَوانِهِ، وأشجاره ونباته، وجباله وبحاره، وجميع ما يحتوي عليه، رأى فيه العجائب العظيمة، ويكفي الإنسان نفسه، فإنه إذا نظر إلى كل عضو من أعضائه علم أنه لا يصلح في غير مَحَلِّهِ.

9

وقولي :

٣ - ثم الصلاة مع سلام دائم

على الرسول القرشي الخاتم

٤ - وآله وصحبه الأبرار

الحائزين مراتب الفخار


٣ - أما الصلاة من الله فهي ثناؤه على عبده في الملأ الأعلى ففيها حصول الخير ، والسلام فيه دفع الشر والآفات والرسول من أوحى إليه بشرع وأمر بتبليغه . والخاتم الذي ختم الله به أنبياءه ورسله ، فلا نبي بعده .

٤ - وآل النبي هم أتباعه على دينه إلى يوم القيامة ، فيدخل فيهم الصحابة ، فيكون عطفهم عليهم من باب عطف الخاص على العام ، لمزيتهم وشرفهم ، بالعلم النافع والعمل الصالح والتقى الكامل ، الذي أوجب لهم مفاخر الدنيا والآخرة ، رضي الله عنهم .

***

10

٥ - اعلم هديت أن أفضل المنن

علم يزيل الشك عنك والدَّرن

٦ - ويكشف الحق لذى القلوب

ويوصل العبد إِلى المطلوب


٥ و٦ يعنى أن منن الله على العباد كثيرة، وأفضل ما منَّ الله على عبده به هو : العلم النافع.

وضابط العلم النافع كما قلت فى النظم : أنه يزيل عن القلب شيئين ، وهما : الشبهات ، والشهوات.

فالشبهات تورث الشك، والشهوات تورث دَرَن القلب وقسوته ، وتثبط البدن عن الطاعات.

فعلامة العلم النافع أن يزيل هذين المرضين العظيمين.

ويجلب للعبد فى مقابلتهما شيئين ، وهما : اليقين الذى هو ضد الشكوك ، الثانى الإيمان التام الموصل للعبد لكل مطلوب ، المثمر للأعمال الصالحة ، الذى هو ضدّ للشهوات ، فكلما ازداد الإِنسان من العلم النافع ، حصل له كمال اليقين ، وكمال الإرادة، ولاتتم سعادة العبد إلا باجتماع هذين الأمرين، وبهما تنال الإمامة فى الدين.

قال تعالى [وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ].

11

........................ .....................


وَدَرَجات اليقين ثلاث: كل واحدة أَعلى من الأخرى، علم اليقين، وعين اليقين، وحق اليقين.

فعلم اليقين: كعلمنا الآن الجنة والنار.

وعين اليقين: إذا ورد الناس القيامة [فأُزلفت الجنة للمتقين، وبرزت الجحيم للغاوين] فرأوهما قبل الدخول.

وحق اليقين: إذا دخلوهما.

وحاصل ذلك أن العلم شجرة تثمر كل قول حسن وعمل صالح، والجهل شجرة تثمر كل قول وعمل خبيث.

وإذا كان العلم بهذه المثابة فينبغي للإنسان أن يحرص كل الحرص، ويجتهد كل الاجتهاد في تحصيله، وأن يديم الاستعانة بالله في تحصيله، ويبدأ بالأهم فالأهم منه.

ومن أهمه معرفة أصوله وقواعده التي ترجع مسائله إليها

***

12

فلهذا قلت :

٧ - فاحرص على فهمك للقواعِدِ

جامعة المسائل الشوارِدِ

٨ - فترتقى فى العلم خير مرتقى

وتقتفى سبل الذى قد وفقا

٩ - هذه قواعد نظمتها

من كُتْبِ أَهل العلم قد حصَّلتها

١٠ - جزاهم المولى عظيم الأجر

والعفو مع غفرانه والبر

٧ - ١٠ وهذا لأن معرفة القواعد من أقوى الأسباب لتسهيل العلم وفهمه وحفظه ، لجمعها المسائل المتفرقة بكلام جامع .

***

13

{فصل}

١١ - النية شرط لسائر العمل بها الصلاح والفساد للعمل


١١ - هذه القاعدة أنفع القواعد وأجلها، وتدخل في جميع أبواب العلم فصلاح الأعمال البدنية والمللية: أعمال القلوب، وأعمال الجوارح إنما هو بالنية، وفساد هذه الأعمال بفساد النية، فإذا صلحت النية صلحت الأقوال والأعمال، وإذا فسدت النية فسدت الأقوال والأعمال، كما قال صلى الله عليه وسلم [إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى].

((النية)) لها مرتبتان: إحداهما تمييز العادة عن العبادة وذلك أن الصوم مثلًا هو ترك الطعام والشراب ونحوهما، ولكن تارة يتركه الإنسان عادة من غير نية التقرب إلى الله في هذا الترك، وتارة يكون عبادة، فلابد من التمييز بينهما.

الثاني: تمييز العبادات بعضها من بعض، فبعضها فرض عين، وبعضها فرض كفاية، وبعضها راتبة أو وتر، وبعضها سنن مطلقة، فلابد من التمييز.

ومن مراتب النية: الإخلاص، وهو قدر زائد على مجرد نية العمل، فلابد من نية نفس العمل والمعمول له، وهذا هو الإخلاص، وهو: أن يقصد العبد بعمله وجه الله، لا يريد

14

....................... .........................


غيره ، فمِنْ أَمثلة هذه القاعدة : العبادات كلها ، كالصلاة ، فرضها ونفلها ، والزكاة ، والصوم والاعتكاف ، والحج ، والعمرة ، فرض الكل ونفله ، والأضاحي والهدي ، والنذور والكفارات ، والجهاد ، والعتق ، والتدبير ، ويُقال : بل يسرى هذا إلى سائر المباحات : إذا نوى بها التقوي على طاعة الله ، أو التوصل إليها كالأكل والشرب ، والنوم ، واكتساب المال ، والنكاح ، والوطء فيه ، وفي الأمة إذا قصد به الإعفاف ، أو تحصيل الولد الصالح ، أو تكثير الأمة .

وهاهنا معنى ينبغي التنبه له ، وذلك أن الذي يخاطب به العبد نوعان : أمر مقصود فعله ، وأمر مقصود تركه .

فأما المأمور به فلابد فيه من النية ، فهي شرط في صحته ، وحصول الثواب به ، كالصلاة ونحوها .

وأما ما يقصد تركه ، كإزالة النجاسة في الثوب ، والبدن ، والبقعة ، وكأداء الديون الواجبة .

أما براءة الذمة من النجاسة والديون ، فلا يشترط لها نية إبراء الذمة ، ولو لم ينو ، وأما حصول الثواب عليها فلا بد فيه من نية التقرب إلى الله في هذا ، والله أعلم .

15

١٢ -الدين مبني على المصالح في جلبها والدرء للقبائح


١٢ - هذا الأصل العظيم، والقاعدة العامة يدخل فيها الدين كله، فكله مبني على تحصيل المصالح في الدين والدنيا والآخرة، وعلى دفع المضار في الدين والدنيا والآخرة، ما أمر الله بشيء إلا وفيه من المصالح ما لا يحيط به الوصف، وما نهى عن شيءٍ إلا وفيه من المفاسد ما لا يحيط به الوصف.

ومن أعظم ما أمر الله به التوحيد، الذي هو: إفراد الله بالعبادة، وهو مشتمل على صلاح القلوب وسعتها ونورها، وانشراحها وزوال أدرانها، وفيه مصالح البدن والدنيا والآخرة.

وأعظم ما نهى الله عنه: الشرك في عبادته، الذي هو فساد وحسرة في القلوب والأبدان، والدنيا والآخرة.

فكل خير في الدنيا والآخرة، فهو من ثمرات التوحيد، وكل شر في الدنيا والآخرة فهو من ثمرات الشرك.

ومما أمر الله به: الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج: الذي من فوائد هذا انشراح الصدر ونوره، وزوال همومه وغمومه، ونشاط البدن وخفته، ونور الوجه وسعة الرزق، والمحبة في قلوب المؤمنين، وفي الزكاة والصدقة، ووجوه الإحسان: زكاة النفس وتطهيرها، وزوال الوسخ والدرن عنها، ودفع حاجة

16

..................... ............................


أخيه المسلم وزيادة بركة ماله ونماؤه، مع ما في هذه الأعمال من عظيم ثواب الله الذي لا يمكن وصفه، ومن حصول رضاه الذي هو أكبر من كل شيءٍ، وزوال سخطه.

وكذلك شرع لعباده الاجتماع للعبادة في مواضع، كالصلوات الخمس، والجمعة والأعياد، ومشاعر الحج، والاجتماع لذكر الله، والعلم النافع، لما في الاجتماع من الاختلاط الذي يوجب التوادد والتواصل، وزوال التقاطع والأحقاد بينهم، ومراغمة الشيطان الذي يكره اجتماعهم على الخير، وحصول التنافس في الخيرات، واقتداء بعضهم ببعض، وتعليم بعضهم بعضاً، وتعلم بعضهم من بعض، وكذلك حصول الأجر الكثير الذي لا يحصل بالانفراد، إلى غير ذلك من الحكم.

وأباح سبحانه البيع والعقود المباحة، لما فيها من العدل، ولحاجة الناس إليها.

وحرم الربا وسائر العقود الفاسدة، لما فيها من الظلم والفساد، ولاغتناء الناس عنها، وأباح الطيبات من المآكل والمشارب، والملابس والمناكح لما فيها من مصالح الخلق، ولحاجة الناس إليها، ولعدم المفسدة فيها.

وحرم الخبائث من المآكل والمشارب والملابس والمناكح، لما فيها من الخبث والمضرة عاجلاً وآجلاً فتحريمها حماية لعباده،

(م ٢ - القواعد)

17

........................... ..........................


وصيانة لهم، لا بخلا عليهم، بل رحمة منه بهم، فكما أن عطاءه رحمة، فمنعه رحمةً، مثال: ذلك إن إنزال المطر بقدر ما يحتاج إليه العباد رحمة منه تعالى، فإذا زاد بحيث تضر زيادته كان منعه رحمة.

وبالجملة، فإن أوامر الرب قوت القلوب وغذاؤها، ونواهيه داء القلوب وكلومها، وكذلك المواريث، والأوقاف، والوصايا، وما في معناها، اشتملت كلها على غاية المصلحة والمحاسن، ولا يمكن ضبط الحكم والمصالح في باب واحد من أبواب العلم، فضلاً عن جميعه.

قال ابن القيم رحمه الله تعالى وإذا تأملت الحكمة الباهرة في هذا الدين القويم، والملة الحنيفية، والشريعة المحمدية التي لا تنال العبارة كمالها، ولا يدرك الوصف حسنها، ولا تقترح عقول العقلاء - لو اجتمعت وكانت على أكمل عقل رجل واحد منهم - فوقها، فإن العقول الكاملة الفاضلة إن أدركت حسنها، وشهدت لها، وأنه ما طرق العالم شريعة أكمل منها ولا أعظم ولا أجل، ففيها الشاهد والمشهود له، والحجة والمحتج له، والدليل والبرهان، ولو لم يأت الرسول ببرهان عليها لكفى بها برهاناً وشاهداً على أنها من عند الله تعالى، وكلها شاهدة لله بكمال العلم، وكمال الحكمة، وسعة الرحمة، والبر ،

18

........................ ........................


والإِحسان والإحاطة بالغيب والشهادة ،، والعلم بالمبادىء والعواقب ، وأنها من أعظم نعم الله التى أَنعم بها على عباده ، فما أَنعم على عباده نعمة أَجل مِن أَنْ هَداهم لها ، وجعلهم من أهلها ، ومن ارتضاهم لها وارتضاها هم .

كما قال تعالى [لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِى ضَلالٍ مُبِين ]

ثم أطال الكلام رحمه الله تعالى .

***

19

١٣ - فإِنْ تَزَاحَمْ عَدَدُ المصالِحِ

يقدّم الأعلى من المصالح


١٣ - إِذا دار الأمر بين فعل إِحدى المصلحتين وتفويت الأُخرى ، بحيث لايمكن الجمع بينهما ، رُوعى أَكبر المصلحتين وأَعلاهما فَفُعِلَتْ .

فإِن كانت إِحدى المصلحتين واجبة، والأخرى سُنَّة ، قدم الواجب على السنة ، وهذا مثل : إِذا أُقيمت الصلاة الفريضة، لم يجز ابتداء التطوع ، وكذا إذا ضاق الوقت ، وكذلك لايجوز نفل الصيام، والحج ، والعمرة ، وعليه فرض ، بل يقدم الفرض .

وإن كانت المصلحتان واجبتين ، قدّم أوجبهما ، فيقدم صلاة الفرض ، على صلاة النذر ، وكالنفقة اللازمة للزوجات ، والأقارب، والمماليك، تقدم الزوجات ، ثم المماليك ، ثم الأولاد، ثم الأقرب فالأقرب ، وكذا صدقة الفطر .

وإن كانت المصلحتان مسنونتين ، قدم أفضلهما فتقدم الراتبة على السنة ، والسنة على النفل المطلق ، ويقدم مافيه نفع متعدٍ ، كالتعليم وعيادة المريض ، واتباع الجنائز ، ونحوها على ما نفعه قاصر ، كالصلاة النافلة ، والذكر ، ونحوها .

وتقدم الصدقة ، والبر للقريب على غيره ، ويقدم من عتق الرقاب أُغلاها وأَنفسها .

20