فَصْل
وأما قول القائل: الكمال والنقص من الأمور النسبية، فقد بينا أن الذي يستحقه الرب هو الكمال الذي لا نقص فيه بوجه من الوجوه، وأنه الكمال الممكن للموجود، ومثل هذا لا ينتفي عن الله أصلًا، والكمال النسبي هو المستلزم للنقص، فيكون كمالًا من وجه دون وجه، كالأكل للجائع كمال له، وللشبعان نقص فيه، لأنه ليس بكمال محض بل هو مقرون بالنقص.
والتعالى والتكبر والثناء على النفس، وأمر الناس بعبادته ودعائه، والرغبة إليه ونحو ذلك مما هو من خصائص الربوبية، هذا كمال محمود من الرب ﵎ وهو نقص مذموم من المخلوق.
وهذا كالخبر عما هو من خصائص الربوبية، كقوله: ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا﴾ [طه: ١٤]، وقوله تعالى: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر: ٦٠]، وقوله: ﴿وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللهُ﴾ [البقرة: ٢٨٤] وقوله: ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا﴾ [العنكبوت: ٤]، وقوله: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ﴾ [الحجر: ٤٢]، وقوله: ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾ [غافر: ٥١]،
1 / 70