فَصْل
وأما قول القائل: إنه لو قيل لهم: أيما أكمل: ذات توصف بسائر أنواع الإدراكات من الذوق والشم واللمس؟ أم ذات لا توصف بها؟ لقالوا: الأول أكمل، ولم يصفوه بها.
فتقول مثبتة الصفات لهم: في هذه الإدراكات ثلاثة أقوال معروفة:
أحدها: إثبات هذه الإدراكات لله تعالى كما يوصف بالسمع والبصر. وهذا قول القاضي أبي بكر وأبي المعالي، وأظنه قول الأشعري نفسه، بل هو قول المعتزلة البصريين الذين يصفونه بالإدراكات.
وهؤلاء وغيرهم يقولون: تتعلق به الإدراكات الخمسة أيضًا كما تتعلق به الرؤية، وقد وافقهم على ذلك القاضي أبو يعلى في [المعتمد] وغيره.
والقول الثاني: قول من ينفي هذه الثلاثة، كما ينفي ذلك كثير من المثبتة أيضًا من الصفاتية وغيرهم. وهذا قول طوائف من الفقهاء من أصحاب الشافعي وأحمد، وكثير من أصحاب الأشعري وغيره.
والقول الثالث: إثبات إدراك اللمس دون إدراك الذوق، لأن الذوق إنما يكون للمطعوم، فلا يتصف به إلا من يأكل، ولا يوصف به إلا ما يؤكل، والله سبحانه منزه عن الأكل بخلاف اللمس، فإنه بمنزلة الرؤية، وأكثر أهل
1 / 68