وهذه طريقة الملاحدة الذين ألحدوا في أسماء الله وآياته، ومن شاركهم في بعض ذلك، مثل قول من يقول: الواحد الذي لا ينقسم، ومعنى قوله: لا ينقسم، أي: لا يتميز منه شىء عن شىء، ويقول: لا تقوم به صفة. ثم زعموا أن الأحد والواحد في القرآن يراد به هذا.
ومعلوم أن كل ما في القرآن من اسم الواحد والأحد، كقوله: تعالى: ﴿وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ﴾ [النساء: ١١]، وقوله: ﴿قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ﴾ [القصص: ٢٦]، وقوله: ﴿وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أحَدٌ﴾ [الإخلاص: ٤]، وقوله: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ﴾ [التوبة: ٦]، وقوله: ﴿ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا﴾ [المدثر: ١١] وأمثال ذلك، يناقض ما ذكروه، فإن هذه الأسماء أطلقت على قائم بنفسه مشار إليه، يتميز منه شىء عن شىء. وهذا الذي يسمونه في اصطلاحهم جسمًا.
وكذلك إذا قالوا: الموصوفات تتماثل، والأجسام تتماثل، والجواهر تتماثل، وأرادوا أن يستدلوا بقوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى: ١١] على نفي مسمى هذه الأمور التي سموها بهذه الأسماء في اصطلاحهم الحادث، كان هذا افتراء على القرآن؛ فإن هذا ليس هو المثل في لغة العرب، ولا لغة القرآن ولا غيرهما، قال تعالى: ﴿وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ﴾ [محمد: ٣٨] .
1 / 46