La Tendresse et les Larmes d'Ibn Qudama
الرقة والبكاء لابن قدامة
Chercheur
محمد خير رمضان يوسف
Maison d'édition
دار القلم،دمشق،الدار الشامية
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤١٥ هـ - ١٩٩٤ م
Lieu d'édition
بيروت
فَقَالَ: " أَعِنِّي إِلَى سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، فَقُلْ: إِنَّ مُحَمَّدًا يَقُولُ لَكَ: أَجِرْنِي مِنْ قَوْمِكَ "، فَأَتَاهُ، فَقَالَ: إِنَّ مُحَمَّدًا، يَقُولُ لَكَ: أَجِرْنِي مِنْ قَوْمِكَ.
فَقَالَ: إِنَّ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ لا تُجِيرُ عَلَى بَنِي كَعْبٍ، فَرَجَعَ إِلَيْهِ، فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: " هَلْ أَنْتَ مُعِينِي إِلَى الْمُطْعِمِ بْنِ عَدِيٍّ؟ فَقُلْ لَهُ إِنَّ مُحَمَّدًا، يَقُولُ لَكَ: أَجِرْنِي مِنْ قَوْمِكَ "، فَقَالَ: نَعَمْ أَفْعَلُ، أَنَا لَهُ جَارٌ، أَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: بِأَعْلَى الْوَادِي.
قَالَ لَهُ: قُلْ لَهُ: فَلْيَأْتِ، فَأَتَاهُ، فَأَخْبَرَهُ، فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ ﷺ، فَبَاتَ عِنْدَهُ تِلْكَ اللَّيْلَةِ حَتَّى أَصْبَحَ.
قَالَ: ثُمَّ قَالَ لَهُ الْمُطْعِمُ: قُمْ فَالْبَسْ ثِيَابَكَ.
قَالَ: فَلَبِسَ ثِيَابَهُ، ثُمَّ خَرَجَ وَمَعَهُ مُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ مُتَقَلِّدًا سَيْفَهُ، وَمَعَهُ بَنُونَ لَهُ سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ، أَمْثَالُ الرِّمَاحِ، مُتَقَلِّدِينَ السُّيُوفَ، فَدَخَلُوا الْمَسْجِدَ، فَاسْتَلَمُوا الرُّكْنَ جَمِيعًا، ثُمَّ قَالُوا لِلنَّبِيِّ ﷺ: طُفْ، وَاحْتَبُوا بِحَمَائِلِ سُيُوفِهِمْ فِي الْمَطَافِ، فَأَقْبَلَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، فَقَالَ: يَا مُطْعِمُ، أَمُجِيرٌ أَنْتَ أَمْ تَابِعٌ؟ قَالَ: بَلْ مُجِيرٌ.
قَالَ: إِذًا لا يُخْفَرُ جَارُكَ، فَجَلَسَ مَعَهُ حَتَّى قَضَى النَّبِيُّ ﷺ طَوَافَهُ، فَقَامَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ وَبَنُوهُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، وَقَامَ أَبُو سُفْيَانَ إِلَى مَجْلِسِهِ، فَمَكَثَ أَيَّامًا، ثُمَّ أُذِنَ لَهُ فِي الْهِجْرَةِ، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ الْمَدِينَةَ، لَمْ يَلْبَثُ إِلا يَسِيرًا، حَتَّى وَمِيَ فِي جِنَازَتِهِ الْمُطْعِمُ، فَقَالَ حَسَّانُ: وَاللَّهِ لأَرْثِيَنَّهُ.
فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ ﷺ: كَيْفَ تَرْثِي رَجُلا كَافِرًا؟ فَقَالَ: أَشْكُرُ لَهُ مَا صَنَعَ بِالنَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ:
أَعَيْنِي أَلا ابْكِي سَيِّدَ النَّاسِ وَاسْفَحِي ... بِدَمْعٍ فَإِنَّ أَنْزَفْتِهِ فَاسْكُبِي الدَّمَا
وَبَكِّي عَظِيمَ الْمَشْعَرَيْنِ كِلَيْهِمَا ... عَلَى النَّاسِ مَعْرُوفًا لَهُ مَا تَكَلَّمَا
فَلَوْ كَانَ مَجْدٌ يُخْلِدُ الْيَوْمَ وَاحِدًا ... مِنَ النَّاسِ نَجَّى مَجْدُهُ الْيَوْمَ مُطْعِمَا
1 / 119