La Tendresse et les Larmes d'Ibn Qudama

Ibn Qudama al-Maqdisi d. 620 AH
38

La Tendresse et les Larmes d'Ibn Qudama

الرقة والبكاء لابن قدامة

Chercheur

محمد خير رمضان يوسف

Maison d'édition

دار القلم،دمشق،الدار الشامية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤١٥ هـ - ١٩٩٤ م

Lieu d'édition

بيروت

عِنْدَ الْبَلاءِ، وَلا يُعَيِّرَهُ بِالْمُصِيبَةِ، وَلا يَعِيبَهُ بِمَا لا يَعْلَمُ وَهُوَ مَكْرُوبٌ حَزِينٌ، وَلَكِنَّهُ يَرْحَمُهُ، وَيَبْكِي مَعَهُ وَيَسْتَغْفِرُ لَهُ وَيَحْزَنُ لِحُزْنِهِ، وَيَدُلُّهُ عَلَى مَرَاشِدِ أَمْرِهِ، وَلَيْسَ بِحَكِيمٍ، وَلا رَحِيمٍ مَنْ جَهِلَ هَذَا، فَاللَّهُ اللَّهُ أَيُّهَا الْكُهُولُ فِي أَنْفُسِكُمْ، ثُمَّ أَقْبَلَ الْفَتَى عَلَى أَيُّوبَ بَعْدَمَا فَرَغَ مِنْ كَلَامِهِ لأَصْحَابِ أَيُّوبَ، فَقَالَ: وَقَدْ كَانَ فِي عَظَمَةِ اللَّهِ يَا أَيُّوبُ وَجَلالِهِ وَذِكْرِ الْمَوْتِ مَا يَقْطَعُ لِسَانَكَ وَيَكْسِرُ قَلْبَكَ وَيُنْسِيكَ حُجَّتَكَ، أَلَمْ يَعْلَمُوا يَا أَيُّوبُ أَنَّ لِلَّهِ عِبَادًا أَسْكَتَتْهُمْ خَشْيَتُهُ مِنْ غَيْرِ عِيٍّ وَلَا بُكْمٍ؟ وَإِنَّهُمْ لَهُمُ الْفُصَحَاءُ النُّطَقَاءُ الأَلِبَّاءُ النُّبَلاءُ الْعَالِمُونَ بِاللَّهِ وَبِأَيَّامِهِ، وَلَكِنَّهُمْ إِذَا ذَكَرُوا عَظَمَةَ اللَّهِ انْقَطَعَتْ أَلْسِنَتُهُمْ، وَاقْشَعَرَّتْ جُلُودُهُمْ، وَانْكَسَرَتْ قُلُوبُهُمْ، إِعْظَامًا وَإِعْزَازًا وَإِجْلالا، فَإِذَا اسْتَفَاقُوا مِنْ ذَلِكَ اسْتَبَقُوا إِلَى اللَّهِ بِالأَعْمَالِ الزَّاكِيَةِ، يَعُدُّونَ أَنْفُسَهُمْ مَعَ الظَّالِمِينَ وَالْخَاطِئِينَ، وَإِنَّهُمْ لأَنْزَاهٌ بُرَاءٌ، وَمَعَ الْمُقَصِّرِينَ وَالْمُفَرِّطِينَ وَإِنَّهُمْ لأَكْيَاسٌ أَقْوِيَاءٌ، وَلَكِنَّهُمْ لا يَسْتَكْثِرُونَ لِلَّهِ الْكَثِيرَ، وَلا يَرْضَوْنَ لَهُ بِالْقَلِيلِ، وَلا يُدْلُونَ عَلَيْهِ بِالأَعْمَالِ. فَهُمْ مَتَى مَا رَأَيْتُهُمْ مُرَوَّعُونَ مُفَزَّعُونَ مُهْتَمُّونَ خَاشِعُونَ وَجِلُونَ مُسْتَكِينُونَ مُعْتَرِفُونَ،

1 / 80